تعد منطقة كوم الدكة من أشهر الأماكن الأثرية القديمة التى تشتهر بها الإسكندرية والتابعة لحى وسط، والتى عرف عنها أنها مسقط رأس فنان الشعب سيد درويش، حيث يخترق المنطقة شارع طويل يلتف فى شكل زجزاج، يشق طريقة وسط "الحوارى" والأزقة الضيقة، والتى تقود فى النهاية إلى منزل سيد درويش الذى نال منة الزمن وتركه حطاما، ويتوسط الشارع الممتد باسم شارع "سيد درويش" مسجد سيدى سرور، وتنتشر بالشارع بعض الورش الحرفية البسيطة.
مدخل كوم الدكة
ولم تخلُ المنطقة الأثرية القديمة من الآثار السلبية لظاهرة البناء المخالف التى اجتاحت الإسكندرية بأكملها، حيث ظهر داخل الشوارع القديمة عدة عقارات مخالفة، البعض منها تسبب فى كوارث لتصدعات وشروخات بالعقارات القديمة بالمنطقة، نظرا لبناء المنطقة على المقابر الرومانية واليونانية القديمة، ولم يبق من العقارات القديمة إلا القليل منها.
" أنا هويت " تزين جدارية " سيد درويش" بكوم الدكة
وتقع منطقة كوم الدكة وسط الإسكندرية، فتنقسم المنطقة إلى قسمين، الجزء الراقى منها ويمتد إلى شارع فؤاد ومنطقة محطة الرمل، والجزء الشعبى القديم، وتقود شوارعه الضيقة والأزقة إلى مختلف أنحاء المدينة، حيث البعض منها يقود إلى الميناء الشرقى، والبعض الآخر إلى محطة قطار الإسكندرية، وآخر إلى منطقة محطة الرمل والمنشية ومحرم بك.
مدخل شارع الشيخ سيد درويش
ويتسم أهالى منطقة "كوم الدكة" بالطيبة، فهم ينتمون إلى طبقة محدودى الدخل، ويعملون فى مهن حرفية مختلفة، ويبدو على أهالى المنطقة تقديرهم واعتزازهم بوجود منزل سيد درويش فنان الشعب بها، حيث تشهد جدران الشوارع التى تحمل اسمه وصورة بذلك، بالإضافة إلى وجود مقهى يحمل اسمه فى وسط المنطقة ويتزين بصور فنان الشعب.
سكان كوم الدكة يحتسون القهوة بشارع الشيخ سيد درويش
واختلفت التفسيرات التاريخية القديمة حول إطلاق اسم كوم الدكة على تلك المنطقة، فهناك تفسير يرجع إلى القرن التاسع عشر، عندما مر عليها المؤرخ النويرى السكندرى وشاهد هذا التل الترابى المرتفع، والذى يشبه "الدكة" والناتج عن إعمال حفر ترعة المحمودية فى عصر محمد على، حيث تكون هذا التل الترابى من أكوام التراب "المدكوك".
يد الاهمال تحول بيت " سيد درويش" لخرابة
فيما انتشر اعتقاد آخر بأن المنطقة بها قبر الإسكندر الأكبر، وأن الأمر يعود إلى الأسطورة التى انتشرت بين أهالى الإسكندرية القدامى حول منطقة كوم الدكة، والتى تقول إن الإسكندر كان يجلس على "دكة" مصنوعة من الذهب ومطعمة بالماس والياقوت والجواهر النفيسة، وعندما قرر القيام بحملة من حملاته العسكرية إلى خارج البلاد خشى على الأريكة من السرقة، فجاء بأحد المهندسين وكلفه ببناء غرفة تحت الأرض وضع فيها الأريكة، ثم قتل المهندس، حتى لا يكون هناك من يعرف مكان الأريكة غيره، وأمر بردم المكان كله دون أن يضع فيه ما يشير إلى مكان الأريكة النفيسة المدفونة، ولم يعد الإسكندر الأكبر إلى الإسكندرية ومات فى تلك الحملة التى كانت آخر حملاته، وظل مكان الأريكة مجهولا، لكنه اشتهر باسم "كوم الدكة".
باب بيت " سيد درويش"
فى حين فسر كثير من مؤرخى الإسكندرية فى العصر الحديث إطلاق اسم "كوم الدكة"، بسبب أنها بنيت على أنقاض منطقة تضم قبور عدد من الملوك القدامى، ومقابر من العصر اليونانى والرومانى.
جانب آخر لبيت " سيد درويش" المتحول لخرابة
ومن جانبه قال مصطفى رشدى، مدير منطقة آثار الإسكندرية، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن وزارة الآثار تولى تلك المنطقة اهتماما كبيرا، وهى مرشحة ضمن أماكن أخرى أمام منظمة اليونيسكو، لوضعها على قائمة التراث العالمى، حيث قامت الوزارة بإعداد ملف يتضمن الطلب بوضع منطقة (كوم الدكة، كوم الشقافة، وعامود السوارى) ضمن قائمة التراث العالمى.
مدخل بورصة الشيخ " سيد درويش" البحر
وأكد مدير منطقة آثار الإسكندرية أن الوزارة تقوم بتنظيم عدد من الفعاليات الفنية ذات طابع توعوى خاصة لأطفال المنطقة، وذلك للتوعية ورفع كفاءة الخدمات. كما تسعى الإدارة إلى تنشط السياحة الداخلية إلى المنطقة، من خلال تنظيم رحلات طلاب المدارس والجامعات، وتنظيم برامج للأطفال.
رجل يتناول الشيشة ببورصة الشيخ " سيد درويش" البحر
وأضاف مدير منطقة آثار الإسكندرية أن المنطقة تحوى آثارا تعود إلى العصر الرومانى واليونانى والبطلمى، وفق الشواهد الأثرية التى وجدت فى المنطقة، وأكد أن أى أعمال تتم بالمنطقة تجرى تحت إشراف الوزارة، نظرا لأهميتها الأثرية ولأن باطنها يحوى الكثير من الآثار.
بورصة الشيخ " سيد درويش" البحرمن الداخل
وقال "رشدى" إن أهم المناطق الأثرية بها هى المسرح الرومانى، وهو المسرح الوحيد فى مصر الذى يعود إلى العصر الرومانى، وصهاريج ابن نبيه، حيث كانت تستخدم المنطقة قديما كخزانات للمياه.
بورصة الشيخ " سيد درويش" البحرمن الداخل
وفى سياق متصل قال على مرسى، رئيس حى وسط، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إنه يتم حاليا تنفيذ خطة لتطوير المنطقة وتمهيد بعض الأزقة والشوارع غير الممهدة وبناء درجات سلمية، حيث تم تطوير جزء من المنطقة أمام مدرسة فهمى عبد المجيد، وتم رفع المخلفات والأتربة ودهان وترميم الحوائط، بالتعاون مع المتطوعين من أحباء البيئة فى الأسبوع الخاص بمبادرة "مصر حلوة بينا"، وقام المتطوعون بأعمال الدهان وزراعة الحوض بالزهور، كما تم تطوير شارع الجبرتى وتم استبدال أجزاء من الأرصفة المتهدمة. وأكد رئيس حى وسط أنه جار العمل على تطوير باقى المنطقة وتمهيد الطرق غير الممهدة، خاصة الأزقة الترابية.
السلالم الملونة تزين احدى حارات كوم الدكة
جدران مزينة بكلمات و رسومات " كوم الدكة التاريخ "
احدى زقائق كوم الدكة
بين الحديث فى المعمار و القديم فى الاصل يعيشون أهل " كوم الدكة "
جدران ملونة آخري بكوم الدكة
ضحكات تزين وجوه اطفال " كوم الدكة "
قهوة دة الدراويش بكوم الدكة
مازالت روح " ثورة 25 يناير " ترفرف فى احدى محلات الحلاقة بكوم الدكة
حارات كوم الدكة
بعض من سكان كوم الدكة
مداخل بيوت بكوم الدكة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة