كتبت هذه المقالة بعد الانتهاء من قراءة ديوان «طين الأبدية» للشاعر العراقى أحمد رمضان، الذى أثار ضجة فى اليومين الماضيين ترجع إلى كون هذا الديوان كُتب حوله كتاب نقدى كامل يشمل نحو 68 مقالة نقدية تتعلق بلغته وعالمه وحداثته وما بعد حداثته، واستغرب الناس من كم الدراسات التى صاغها عدد من النقاد الكبار العرب ومنهم المصريون، وأنا بعد أن قرأت الديوان استغربت أكثر.
يقول البعض إن هذه الكتابات كان الدافع وراءها أن الشاعر أحمد رمضان يرسل نسخة من الديوان للناقد طالبا منه الكتابة نظير أن تقوم دار نشر لبنانية بدفع 5 آلاف دولار، ولست أعرف صحة هذا الرقم، لكن بعض الذين كتبوا من مصر أكدوا أنهم لم يتقاضوا «جنيها» نظير الكتابة حول «طين الأبدية»، وهنا أستغرب عزيزى القارى أكثر لأنك لو استبعدت الجانب المادى فلن تجد داخل الديوان أى دافع فنى يجعل 68 ناقدا يقررون الكتابة عن هذا الشىء.
الديوان لا يحمل ميزة واحدة تغرى بهذه الكتابات الكثيرة والمطولة، فما فعله الشاعر العراقى ليس فتحا فى الكتابة ولا يحمل رؤية مغايرة للعالم ولا منطقا جديدا فى تقديم الأشياء ولا يقدم طريقة كتابية خاصة ولا أى شىء يمكن الحديث عنه ولا حتى رشاقة فى الجملة، على العكس خياله مركب لدرجة التعقيد ولغته مكررة ومعروفة ومستهلكة، لذا فإننى الآن أعلن أننى لست متعاطفا مع النقاد الذين شاركوا فى هذه الجريمة لأنهم حتى لو تقاضوا هذه الأموال الكثيرة من وجهة نظرى فهم يعلون من شأن الأدب السيئ ويصدرونه لنا ويصنعون منه نموذجا وفى ذلك إثم عظيم .
وفى تعليق على الفيس بوك أشار الشاعر أسامة الحداد إلى أن هذه الحكاية تشبه ما حدث من قبل من الكاتب الساخر أحمد رجب الذى كتب مسرحية باسم «الهواء الأسود» نشرها فى مجلة الكواكب فى مارس 1963 باعتبار أنها من إبداع المؤلف العالمى «دورينمات»، وطلب من أربعة نقاد كبار هم : عبدالفتاح البارودى، ورجاء النقاش، وسعد أردش، وعبد القادر القط، رأيهم فى قيمة العمل، فتلاحقت تعليقاتهم تشيد بها إشادة قوية حتى إن البعض اعتبرها إضافة إلى التراث المسرحي، فما كان من أحمد رجب إلا أن نشر تحقيقاً بعنوان «فضيحة الموسم.. أنا المؤلف الأوحد لمسرحية الهواء الأسود» وكتب عن عقدة الخواجة فى العمل الأدبى .
نعم التشابه الذى يجمع بين الحكايتين هو «الاشتغالة» لكن ما حدث مؤخرا «دمه ثقيل» وليس خفيف الظل كما فعل أحمد رجب.