كثيرة هى التهم التى تطارد سور الأزبكية فى الفترة الأخيرة، فكلما ذكرت أزمة دور النشر والطباعة وتراجع المبيعات وأزمة المكتبات الكبرى، جاء الحديث عن مكتبات السور والانحرافات التى ترتكبها فى حق صناعة الكتب فى مصر، خاصة بعد ظهور النسخ المزورة التى ملأت الأرصفة، وأصبحت هناك مكتبات لا يعرف لها شكل رسمى يقوم كل عملها على تزوير الروايات والكتب التى تحقق مبيعات عالية وهذه المكتبات لها دائما مكانها المحفوظ داخل أشهر سور كتب فى مصر.
نتذكر جميعا أنه فى فترة معينة كان سور الأزبكية كلمة تعنى الثقافة المتاحة، وكنا نبحث هناك عن الكتب العظمة المهمة التى توقف نشرها وعن الكتب النادرة التى نسيتها دور النشر، وعادة ما نذهب بدون تخطيط ونخرج محملين بكنوز المعرفة، وقد ساعد السور على صناعة عدد كبر من الباحثين فى مصر لا يزالون يدينون بما هم فيه لهذا السور العظيم، وحتى الآن لا يمكن أن ننكر دور السور فهو يقوم بدوره، لكن بالطبع تأثر السور بما حدث لصناعة الكتاب وبيعه فى مصر، وتأثر أيضا بالانتشار التكنولوجى الذى سيطر على العالم كله، وأصبحت كنوز الكتب موجودة على صفحات الإنترنت ولم نعد فى حاجة للذهاب إلى المكتبات لنقلب بين أرففها، وبوجه عام أصبح الإقبال على شراء الكتب فى مصر أقل عما قبل، كذلك من أكثر الأشياء المؤثرة انتهاء جيل كامل من بائعى الكتب فى سور الأزبكية الذين كانوا يعلمون قيمة الكتاب ودوره وكان معظمهم أصدقاء للمثقفين والكتاب الكبار، وجاء من بعدهم مجموعة يطلق علهم بكل سهولة «تجار كتب»، لكن كل هذا لا يعنى القضاء على هذا السور كما يطلب البعض.
فبعض أصحاب دور النشر الذين أصابهم الأذى ذهبوا إلى المغالاة فى طلباتهم فيما تعلق بالسور، فحملوه كل أخطاء صناعة الكتاب فى مصر، وكأنه وحده من صنع أزمة النشر التى من الواضح أنها لن تنتهى قريبا، ورأى أصحاب هذه الدور أن يتم إلغاء دور السور، وطالبوا هيئة الكتاب بألا تمنحهم مكانا فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وأن تعطى المكان الذى يشغلونه كل عام إلى المكتبات الخاصة، وأنا هنا أرجو المسؤولين فى الهيئة أن يحاولوا أن يجدوا حلا للتزوير وأن يمنعوا المكتبات التى تفعل ذلك، لكن عليهم ألا يعمموا ويضروا بالجميع، وأن ترفقوا بسور الأزبكية ولا يذبحوه.