فى كل سنة نكون على موعد مع ما يطلق عليه منح تفرغ وزارة الثقافة، وفى كل سنة أيضا يحدث الكثير من الجدل بداية من مواعيد التقدم ثم إعلان المشاريع الرابحة التى عادة ما يتهم بعضها بالمحاباة وغياب الشفافية، وبعد ذلك، يدخل الفائزون فى مرحلة حرق الأعصاب بعد تأخر صرف المنحة، وفى النهاية يعتمد الوزير الأمر وننسى نحن المتابعين ما حدث حتى نفاجأ بموعد جديد للتقدم للمنحة الجديدة للتفرغ، لكن لا أحد يسأل السؤال الصعب أين تذهب مشاريع منح التفرغ الخاصة بالعام الماضى؟
نقول ذلك الكلام بمناسبة أنه فى الأمس القريب اعتمد وزير الثقافة 253 منحة تفرغ جديدة لمدة سنة تبدأ من شهر يوليو 2016 وحتى يونيو 2017 بما يعنى أن لدينا 253 مشروعا تمت دراسته، وتم التأكد من جدواه واختلافه وتميزه فى جميع فنون الإبداع، وذلك يعنى، بدون تفكير من ناحيتنا، أنه فى نهاية السنة سوف نجد هذه المشاريع كاملة مكتملة وقد تم تسليمها إلى وزارة الثقافة التى بالطبع سوف تستفيد منها وتطبعها وتقدمها للراغبين فى المعرفة ثم تقيم معرضا كبيرا لعرض ومناقشة هذه المشاريع التى يشهدها عدد كبير من المثقفين والمهتمين للتعرف على الأفكار التى تبنتها وزارة الثقافة.
لكننا جميعا نعرف أن شيئا من ذلك لن يحدث أبدا، وأننا فقط سنظل نسمع عن حكايات منح التفرغ، لكننا لا نعرف كيف نستفيد منها، لذا نستغل اعتماد الوزير للدفعة الجديدة من هذه المنح ونطالبه بوضع استراتيجية جديدة مختلفة عن السنوات السابقة، على أن يكون أول بنودها هو التحكيم الجيد للأفكار المقدمة واختيار المتميز منها بجد الذى يمكن تحقيقه وليس مجرد كلام أجوف فى الفراغ، كذلك متابعة التزام من يعمل على فكرته ويخدمها حقيقية، والتعرف على من يعتبرها «سببوبة» فينصب ويأخذ أموال الدولة بالباطل ولا يقدم شيئا، وفى هذه الحالة يعتبر من يفعل ذلك مدينا للدولة وعليه إعادة النقود التى حصل عليها، كذلك على الوزارة أن تمنح المشروعات المميزة فى النهاية جوائز، وأن تلقى الضوء عليها ولا مانع من إقامة جائزة عن أفضل عمل تم تقديمه على أن يعلن عن هذه الجائزة مع جوائز الدولة فى كل عام، والبند الأهم فى هذه الاستراتيجية هو تخصيص ميزانية لنشر ما يتم إنتاجه من الأفكار فى سلسلة تصدر عن «الأعلى للثقافة»، ويتم الإعلام عنها بطريقة جيدة.