حملت كتب المؤرخين وكتاب السير المزيد الأسرار الخاصة بحروب السطو على الحضارة العربية والإسلامية التى كانت بالأندلس، خاصة فى غرناطة وقرطبة وإشبيلية، ولم تختلف الكتب التاريخية القديمة عن الحديثة، وهو ما أكده المؤرخ العظيم محمد عبدالله عنان فى سلسلة كتبه عن الأندلس، حيث أكد أن سقوط غرناطة فى يد النصارى لم يكن حادثًا فجائيًا، بل جاء حصاد سنوات من الكيد الصليبى المنظم، والغفلة والتخاذل من جانب حكام المسلمين فى الأندلس، وكانت سقوط غرناطة معناه سقوط دولة الإسلام فى الأندلس، الأمر الذى أسعد كل صليبى فى مشارق الأرض ومغاربها، وأحزن كل المسلمين خاصة أهل المغرب ومصر التى حاولت التدخل، ولكن دون جدوى خاصة لاضطراب شؤونها الداخلية، وهكذا كان الصدى الأليم الذى أثارته حوادث الأندلس فى الأمم الإسلامية، ولكنه بدأ يخبو شيئًا فشيئاً، ولم تمض أعوام قلائل حتى أسدل على تلك الفاجعة حجاب من النسيان، ذلك رغم أن المأساة الأندلسية لم تذقه بسقوط غرناطة، بل كان عليها أن تجوز فصولاً أخرى أشد فجيعة على كل مسلم قبل أن تصل إلى نهايتها وصفحتنا هذه هى أول فصول الخاتمة المأساوية لما بعد السقوط، كان الملك المنكود أبو عبدالله محمد بن على هو آخر ملوك الأندلس.
وقد غادر غرناطة ساعة استيلاء النصارى عليها وسار مع آله وصحبه وحشمه إلى منطقة البشرات، واستقر هناك فى بلدة أندرش وبإحدى البلاد التى أقطعت له فى تلك المنطقة ليقيم فيها فى ظل ملك قشتالة الصليبى، وذلك بناء على معاهدة التسليم الشهيرة، وكان وقتها أبو عب الله فى الثلاثين من عمره، فعاش فى مملكته الصغيرة الذليلة فترة من الدهر فى لهو وترف كانا أصلاً السبب فى مأساة الأندلس، وعلى الطرف الآخر كان ملك قشتالة الصليبى فرناندو وزوجته الصليبية إيزابيلا بالرغم من انتصارهما الشامل ونيلهما شرف إزالة دولة الإسلام من الأندلس إلا أنهما كانا يتوجسان فى أعماق نفسيهما خيفة من بقاء السلطان المخلوع أبى عبد الله فى الأراضى الأندلسية، وأنه من الممكن أن يجتمع المسلمون عليه مرة أخرى، ويكون بذلك بؤرة للقلاقل والاضطرابات عليهما، لذلك فكانا يفرضان عليه رقابة صارمة ويتلقيان أدق التقارير والأنباء عن حركاته، وللحديث بقية لمعرفة كيف نجح ملوك إسبانيا فى طرد آخر ملوك الأندلس، وهو أبو عبد الله الأحمر، وغدا نتواصل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة