ما بين الشعب ورئيسه الذى اختاره بإرادته عقد ملزم، جوهره الحكم الرشيد فى مقابل الدعم والمساندة، أساس العقد الرئاسى دائما "إن رأيتمونى على حق فأعينونى وإن رأيتمونى على باطل فقومونى" والتقويم ليس بالعصيان ولا الخروج على الحاكم، وإنما بالنصح، والحاكم الذكى من يلتقط إشارات شعبه ويفهمها قبل الآخرين، بينه وبينهم وصال دائم لا ينقطع، أذنيه على الشارع تسمع نبضه، وعينه على المواطن ترى حركته، لا يعطى ظهره للشعب حتى يظل الشعب نفسه فى ظهره، وعلى مدى عامين لم يعط الرئيس السيسى ظهره للشعب بل جعله نصب عينيه وبوصلته التى يتحرك بها، لم يرد أن يغازل الشارع أو يسترضيه بالشعارات وإنما فضل العمل الحقيقى والإنجاز الذى يتحدث عن نفسه، خطط لمشروعات اعتبرها باب الإنقاذ للبلد، كان متاحًا للسيسى أن يتعامل كمن سبقوه ويرحل المشاكل ويركز على ما يرضى الشارع حتى ولو كان المواطن نفسه سيدفع الثمن فى المستقبل، لكنه فضل الطريق الأخر والأصعب عليه شخصيًا، فضل أن يخوض مغامرة البناء للمستقبل، كان يعلم أنها تحدى وقد يخسر بسببها الكثير، لكن ما قيمة المكاسب التى تتحقق على حساب الوطن، ما قيمة السلطة التى تدير بلدًا منهكًا لا يقوى على الحياة، كان رهان السيسى من البداية علينا وليس على غيرنا، كان سلاحه الأكيد أن الشعب فى ظهره ويعلم إخلاصه ووطنيته وأنه لن يفعل إلا ما يضمن الخير لمصر، كان يقينه أن الشعب لن يفقد ثقته فى رجل اختاره لمهمة حرب تحتاج مقاتلين وليس طامعين فى السلطة، كان اعتماده بعد الله على أن الشعب الذى منحه تفويضًا لن يتركه وحده فى ميدان احتشد فيه ضده كل الأعداء والمتكالبون على السلطة والطامعون فى النيل منه والمخططون لإسقاط مصر، لم يفكر السيسى لحظة أن شعبه سيأتى عليه يوم يتركه وحيدًا ويقول له "اذهب أنت وجيشك فقاتلا" فلا هذه سمة المصريين ولا طبيعتهم، فالمصرى لا يهرب من معركة ولا يترك قائده بمفرده فى مواجهة الأعداء.
والمؤكد أن رهان السيسى لم يخطئ وثقته كانت فى محلها، فالشعب لم ولن يفقد ثقته فى رئيسه ولن يتخلى عنه ولن يتركه وحيدًا فى مواجهة ثعالب السياسة وتجار الأوطان وقتلتها، الشعب لن يخلف وعده مع من اختاره.
قد يرفض الشعب بعض القرارات، قد يتململ من بعض السياسات، قد يطمع فى المزيد من الإجراءات، قد يطلق قذائفه ضد حكومة يراها تفسد كل ما يفعله الرئيس، قد يلوم الرئيس نفسه على بعض الاختيارات لمن ينفذون سياساته، قد يشتد حزن الفقراء لما يواجهونه من عنت ومعاناة، قد يصرخ بعض المواطنين من الغلاء ويطمعون فى الرئيس أن ينقذهم من المحتكرين والمتاجرين بهم.
لكن الأكيد أن كل هذا لا يخرج عن سياق الثقة فى هذا الرئيس ولا يمكن اعتباره ملل الشعب من قائده، وإنما طمعًا فى أن ينتبه الرئيس إلى شكواهم ويتدخل لحمايتهم، لأنهم يؤمنون بقدرته على إنقاذهم، كثيرون من الشعب خاصة الفقراء والبسطاء ما زالوا يرون السيسى فى صورة المنقذ الذى لن توقفه معوقات ولن تعطله مؤامرات.
سيادة الرئيس شعبك سيظل فى ظهرك طالما ظلت عينك عليه وأذنك تسمع أنينه، سيقاتل معك، سيواجه معك، وسيظل الكبرياء والشرف والعزة هو ما يجمع بينه وبينك، وستظل مصر غايته وغايتك، لا تنظر إلى غضبه من أحواله على أنه ملل، لا تصف رفضه لبعض القرارات على أنه تخلى، فمن حق الشعب أن يطلب المزيد من رئيس يراه يملك القدرة.
سيادة الرئيس، استمر فى القتال فشعبك لن يخذلك.