القضية ليست صراعاً ولا مزايدات ولكنها فهم سياسى صحيح يقرأ الواقع السياسى قراءة صحيحة
أقر الدستور فى مواده الانتقالية المادة «235» بأن يصدر مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانوناً لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسحيين لشعائرهم الدينية، لذا قد تم الحوار بين الكنائس وبين الحكومة للتوافق على مسودة لمشروع القانون، وأعلنت الكنائس باسم البابا تواضروس أنه قد تم التوافق على مشروع القانون المعروض على مجلس الوزراء، الذى بدوره سيرفعه إلى البرلمان لإقراره.
كانت هناك آراء ومقترحات كثيرة حول مشروع القانون داخل الكنيسة وخارجها من بعض نشطاء الأقباط، الذين دائما ما يحاولون استغلال قضايا المصريين الأقباط للظهور الإعلامى ولتعويض إثبات الذات سياسياً بادعاء البطولة أمام الأقباط، فهم المدافعون عنهم، كانت هناك بعض المواد التى لم توافق عليها الكنائس، وقد ظهر هذا فى تعدد المسودات فهناك بعض المواد المطلوب تعديلها أثناء المناقشة فى البرلمان، مثل تحديد مساحة الكنيسة بما يتوافق مع عدد السكان، وبالطبع عدد السكان اليوم غير عدد السكان بعد قرن أو نصف القرن، فهل سيعاد توسعة الكنيسة كل فترة زمنية،.
هنا وجدنا ما يسمى بالمنظمات القبطية تحت مسمى طائفى بغيض ومرفوض، بل ويكرس للدولة الدينية بامتياز، والغريب أن هؤلاء يدعون ويكذبون بأنهم دعاة الدولة المدنية! ولا نعرف ما هى قانونية هذه المنظمات التى لا تخضع للقانون، فهى ليست أحزاباً سياسية وليست جمعيات أهلية أخذت موافقة من وزارة التضامن، حتى لو كان هذا، فهذه الجمعيات ليس من حقها العمل السياسى، خاصة ذات الرؤية الطائفية.
هذا فى الوقت الذى يوجد فيه أحزاب تتبنى قضية هذا القانون مثل المصريين الأحرار، وحزب الوفد، وائتلاف 25/30 فى البرلمان. فلماذا لا يكون الحوار أو القبول أو الرفض أو التعديل على أرضية سياسية حزبية؟ ولكن هذه التنسيقات وتلك المنظمات بسلوكها واجتماعاتها الإعلامية ووجود الشخصيات العامة مثل المستشارة تهانى الجبالى، تعتبر تحجيما للأحزاب وللممارسات السياسية، وهو الشىء الذى يعطى رسالة سلبية لباقى المجتمع، خاصة الذين يأخذون موقفاً من هذا القانون، كما أن المزايدات الشعاراتية التى توجد احتقانا طائفيا مثل المطالبة بأن ينص القانون على أن تعلو منارة الصليب فى الوقت الذى ينص عليه المشروع على أن مبنى الكنائس يخضع للتقاليد الكنسية لكل كنيسة، فكنائس الأرثوذكس والكاثوليك غير البروتستانت، فهذه ادعاءات كاذبة للبطولة وعدم فهم للواقع السياسى الذى لا نستطيع إغفاله أو إسقاطه، فما سبب المشكلة؟ ولماذا يتم الهجوم على الكنائس وحرقها؟! ألا يوجد قانون بل قوانين جنائية تحاسب وتحاكم على هذا الجرم الذى يحدث فى حق الكنائس؟ لكنه المناخ الطائفى والفكر الدينى الذى يجب تصحيحه وتطويره، فهل هذه الزفة وتلك المزايدات ستصب فى صالح القانون؟
الدولة تعلم وتتابع ولكنها محكومة بإطار مجتمعى لا بد فيه من إيجاد الطرق السليمة والسلمية حتى يجد القانون المصداقية والقبول الاجتماعى، حتى يمكن تطبيقه على أرض الواقع، وإلا سيوضع القانون مع آلاف القوانين التى لا تجد أى طريق للتطبيق، حاوروا المجتمع فهذا دور الأحزاب و الحكومة، وبكل الطرق، حتى نُقنع الرافض الذى يتعامل مع الموضوع على أرضية طائفية وفهم مغلوط بهذا القانون، القضية ليست صراعاً ولا مزايدات، ولكنها فهم سياسى صحيح يقرأ الواقع السياسى قراءة صحيحة، حتى نجد القرار الصحيح والقانون الأمثل الذى نضمن تطبيقه، وهو بداية لحل المشكلة، وليس نهاية المشاكل، فالقانون أول خطوة فى طريق بناء الكنائس والطريق طويل، حفظ الله مصر وشعبها من كل المزايدين هنا وهناك حتى تصبح مصر بحق لكل المصريين.