فى البداية لم أصدق، وتصورت أنها شائعة من ضمن شائعات كثيرة تنطلق هذه الأيام، لكن اتضح أنه حقيقة. بالفعل لقد أعفى نواب البرلمان مكافآتهم وبدلات حضور الجلسات من ضريبة الدخل.. وهو أمر أكده عبدالمنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، وقال إن المصلحة جهة تنفيذية للقوانين الصادرة عن مجلس النواب، وأن اللائحة الداخلية، التى وضعها مجلس النواب نفسه، والتى تحدد بدل الجلسات وقيمتها ونسب الحضور والضوابط والالتزامات، نصت على إعفاء مكافآت وبدلات حضور النواب للجلسات من ضريبة الدخل.. وهو ما لم يحدث فى البرلمانات السابقة.. وصدرت اللائحة كقانون، وبالتالى ليس لمصلحة الضرائب سوى التنفيذ.
ومعروف أن جميع الجهات فى الدولة تخضع للضرائب من أصغر موظف وحتى رئيس الجمهورية، وبالتالى فإن استثناء النواب من ضريبة كسب العمل، غير مسبوق فى تاريخ البرلمانات، وربما ليس له مثيل فى العالم.. وهو مبدأ يخالف الدستور والعقل والمنطق. ثم أن إعلان هذا الأمر تم فى وقت يتم فيه إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، كبديل لضريبة المبيعات، وبما يرفع الضرائب بنسبة %3 عن السابق.
ثم إننا نتابع أن لائحة المجلس الموقر عاجزة عن محاسبة النواب عن التزويغ، أو الاشتباك بالأيدى والحناجر.
بينما تطبق فى إعفاء النواب من الضرائب.. ولا نعرف ماهو موقف النواب الذين رفضوا قانون القيمة المضافة، وهو فى النهاية قانون على الجميع، يمكن الاختلاف والاتفاق حول أثاره، لكن إعفاء النواب لأنفسهم أمر يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، ويثير حفيظة الناس وغضبهم، لأنه يمثل تفرقة واضحة بين المواطنين، ويضرب مبدأ دستوريا فى مقتل.
وفى وقت يتجرع فيه المواطنون، مرارة إصلاح اقتصادى تأخر كثيرا. لايجوز أن تكون هناك فئات خارج القاعدة العامة.. ومن دون سوابق برلمانية أو عالمية.. وإذا كان المثل يقول: إن «طباخ السم بيدوقه»، بما يعنى أنه لا استثناء، فإن النواب اخترعوا مبدأ جديدًا هو أن «طباخ الضرائب لايذوقها، ويعفى نفسه منها».
كان الأولى أن تطبق اللائحة فى الحساب والعقاب، والرقابة، قبل أن تطبق فى الاستثناءات، وأن يراعى السادة النواب نفسيات الشعب، وظروف لاتحتمل العبث اللائحى.