الفيلم السينمائى، أى فيلم سينمائى هو جسد مكون من عدة أطراف مُمثلة فى عناصره الفنية من قصة وتصوير وإخراج وديكور وممثلين وغيرها من عناصر مختلفة، ولكن هذا الجسد ذاته لديه إضافات من جسد آخر لدى المشاهد، جسد له تاريخ وكذلك له مستقبل، أما التاريخ فيتمثل فى أى أخبار عنه تسبق عرضه، وكذلك يتمثل فى تاريخ الأسماء المشاركة فيه، فمثلاً لو هناك خلافات دارت بين صناع الفيلم تداول الناس الحديث عنها قبل عرض الفيلم، أو أن ممثلة ما أو ممثل مشارك فى الفيلم تم القبض عليه فى قضية ما أو له حكايات تتداولها الألسن بالتأكيد كل ذلك يؤثر فى مشاهدة الفيلم، رغم أن هذا التاريخ لا علاقة له بالفيلم ذاته.
أما المستقبل فيتمثل فى تصور المشاهد أو إقباله على إمكانية إعادة المشاهدة لنفس الفيلم مرة ثانية وثالثة أو أكثر لو أُعيد عرضه فى التلفزيون أو أى عرض ثانى، فهناك أفلام ونحن نشاهدها نتيقن أنها أفلام سيكون لها مستقبل لدينا وأخرى تكون بلا مستقبل، وأحياناً يحار المشاهد فى مستقبل الفيلم وكثيراً ما يغير رأيه فى مستقبل الفيلم بعد مشاهدة ثانية أو ثالثة لو تغير ظرف المشاهدة.
إذن تقييم الفيلم السينمائى لا يمكن أبداً أن يكون كاملاً إلا إذا نظرت لكل تلك العوامل مجتمعة، وتلك هى مشكلة فيلم اشتباك الذى يُعرض حالياً، وكان قد مثل مصر فى مهرجان كان ونال استحساناً عالمياً، وخرجت بعض الأصوات القاصرة تهاجمه، لأنها فقط نظرت إلى أحد الجوانب من الفيلم دون أن تنتظر حتى مشاهدة الجسد كاملاً، خرجت تهاجمه لأن أحد منتجيه قد ظهر فجأة فى المهرجان، وهو معز مسعود الذى ينتمى للدعاة الجدد، إضافة أن مخرجه محمد دياب وأخيه كاتب السيناريو المشارك ينتميان قولا وفعلا لطليعة ثوار 25 يناير ولهم علاقة وطيدة وانتماء فكرى لعمرو خالد وصداقة بوائل غنيم، إذن فقد بنى من هاجم الفيلم هجومه على معلومات عن صناع الفيلم وليس عن الفيلم ذاته، كما أن احتفاء الغرب به أضاف له عيب لديهم، وهى نفس أسباب من يرفض الآن مشاهدة الفيلم وهو متوفر فى الأسواق.
فيلم اشتباك يحكى عن مجموعة متنافرة تجمعها عربة ترحيلات فى أعقاب ثورة 30 يونيو، وكأنهم يمثلون كل أطياف المصريين حتى عسكرى الأمن يشاركهم، ورغم أن الحدث يدور فى مكان محدود إلا أن المشاهد يظل محبوس الأنفاس حتى آخر لحظة ما بين حدث وإضاءة وحوار وتصوير وتمثيل.
الفيلم لا ينتصر لطرف على حساب آخر، فالكل يدفع الثمن حتى قوات الأمن تشعر بتعاطف معهم، الفيلم ينتصر للبشر حين يواجه كل من فى السيارة الموت لا يبقى سوى الإنسان فيهم، وكأن أحداثه كان يجب أن تنتهى بأغنية منير فى حدوتة مصرية التى كتبها العظيم عبد الرحيم منصور، وتقول كلماتها «أعرف بشر عرفونى لأ لأ ما عرفونيش.. قبلونى وقبلتهم.. بمد إيدى لأ طب ليه ما تقبلنيش».
لا يهمنى اسمك لا يهمنى عنوانك.. لا يهمنى لونك ولا وميلادك ومكانك.. يهمنى الإنسان ولو ما لوش عنوان».
هى دى الحدوتة، ولكن عودا على بدء ليست الحدوتة دائما هى التى يحاكم بها الناس الأفلام، أما وأننا فى زمن الريبة والخوف واللخبطة وكثرة المؤامرات والمتآمرين، وكثرة الجهالة والجهلاء، فإن الحدوتة ليست كما كتبها عبد الرحيم منصور، ولكن كما تخطها أيامنا الحزينة الخائفة فتقول «يهمنى اسمك.. يهمنى عنوانك.. لونك ميلادك.. مكانك.. يهمنى الإنسان بس يكون له عنوان، هى دى الحدوتة».
وعنوان محمد وخالد دياب كان اشتباك، وهل مصر الآن إلا فى حالة اشتباك، والفيلم بالتالى يعانى نفس الحالة حتى لو صرخ بأعلى صوته يهمنى الإنسان ولو مالوش عنوان.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
قرقوش
هل السينما تساهم حقا في علاج مشاكلنا... ام تزيدها اشتباكا
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
قرقوش
أخلاق الشباب والبلطجة والاهمال نواتج .... مشاهدة الأفلام المصريه
بدون