يستمر النباح على قدر الأموال التى ذهبت هباء من أجل إرضاء أمريكا وإسرائيل، لكن أردوغان لا يهمه المال بقدر ما عزت عليه نفسه من محاولة الانقلاب عليه والغدر به بعد سنوات التحالف مع هاتين الدولتين.. أردوغان الجريح يُطيح هنا وهناك ويكشف جميع أوراق التحالف ويُلمح بفضح التعاون السرى لسنوات دون أن يشعر أنه يفضح دوره الواسع فى بناء تنظيم الدولة الإرهابى بين دولته وبين أمريكا والذى كان عصى أمريكا فى وجه أى دولة يمكن أن تهدد عرشها، وبعد أن بات أردوغان متأكدا أن محاولة الانقلاب لم تبعُد عن توجيهات وأوامر خفية من فتح الله غولن وتنفيذ المخابرات الأمريكية.
فى يونيو ٢٠١٢ وجه أردوغان لرفيق دربه غولن نداء العودة إلى تركيا بعد هجرة غولن إلى الولايات المتحدة الامريكية عام ٢٠٠٠ ولم تكن دعوة أردوغان الاولى للتصالح، ويبدو أن غولن كان مصمماً على الانشقاق بعد أن ذاق ويلات الإعتقال مع كل محاولة انقلاب تحدث فى تركيا، ولان أردوغان يعلم محدودية قدرات رفيقه فقد أيقن أن امريكا من ساعدته، وكان هذا مؤلمًا لأردوغان الذى قدم كل غالى ونفيس لحليفته وصديقه القديم معاً.
ورغم استخدام امريكا وحلفائها تكنولوجيا الاعلام وتسخير قنوات فضائية بعينها كوسيلة ميديا لفرض نفوذهم وتحقيق مصالحهم حول العالم من خلال وثائق واخبار معظمها مُفبرك كانت مصر فى السابق احدى ضحايا هذا التدليس ومنها قناة الجزيرة والتى حققوا ومن وراء هذه الاداة مكاسب مادية وسياسية هائلة حيث كانت تُمرر للعالم خطوات التنظيم الإرهابى، إلا اننا نشهد الان مفاصل تفكُّك الثقة الدولية فى هذا الاعلام الغير محايد. ف لطالما اراد الحلفاء طمأنة أمريكا وإيصال رسائله الإعلامية لها لتتابع وتراقب من خلالهم الخطوات التى تسير عليها قطر وتركيا فى تنفيذ الأوامر من مؤامرات لتفكيك الدول العربية ونشر الفوضى والإرهاب.
عملاء على أرض الواقع يدعمهم ارهاب التنظيم الدولى من منبع العاصمة أنقره ويساند الدواعش فى مناطق أرادت أمريكا أن تسلب خيراتها بمساعدة عملاء خونة دون التواصل مع امريكا بطريقة مباشرة ! ولماذا التواصل المباشر طالما وُجدت حلفاء جاهزون لمهمات الدم دون أن تلوث امريكا يدها
الإعلام الأسود اطلعنا ونقل لنا من بداية الربيع العربى ما كانت تريد أن تراه امريكا من صور وفيديوهات نهب وقتل وتفجيرات وتهجير وانقسامات تمهد الطريق لتدخُل امريكا ومن ثم تحويل ثروات البلدان المنكوبة للمستفيدين.
وفى يوليو ٢٠١٦ استيقظت تركيا حليفة أمريكا على مخطط يُشبه مخطط استخدمته تركيا نفسها لانجاح الربيع العربى فى منطقتنا العربية بمساعدة الدواعش والإخوان والفوضويين ومتطوعين خونه وأغبياء ايضا توغلوا فى المنطقة لتنفيذ أهداف امريكا والحلفاء، إلا أن هذا المخطط كان فريدا فى اختيار التوقيت والأداة.. كانت ثورة وانقلاب من بعض الغاضبين فى الجيش التركى لم يحالفهم الحظ القوى لاستكمالها، لكن أردوغان لايريد أن يصدق هذه الحقيقة فاخذ يلوم المخابرات الامريكية بحكم انها أقوى الدول الاستخباراتية والصديقة التى كان يجب عليها تحذيره من خطر الانقلاب..فهى على الاقل كانت تعلم أن لم تكن هى المُدبرة للانقلاب بمساعدة فتح الله غولن المقيم إلى مايقرب من سبعة عشر عاما فى امريكا وحاصل على الجنسية.
أردوغان اتهم الولايات المتحدة الأمريكية بالتراجع عن اتفاقات ومواقف حدثت بينهما حيث شهد فرع داعش لتنظيم الدولة نموا ودعما هائلين من كلا الدولتين وحتى يتبين الخيط الابيض من الاسود فقد تغيرت خارطة التحالفات وسعت امريكا فى ضخ دماء جديدة لهذه الخريطة لتتمكن من تنفس الأكسجين الذى يمكن أن يساعد على التغير فى سياسة تليق بما هو قادم وهو ما سوف تكشفه الأيام القادمة وكُشف بعضها فى ابريل العام الماضى من خلال بحث نشره موقع سياسة الحزبين وكان من إعداد مجموعة من الخبراء والباحثين بالاضافة إلى سفراء سابقين للولايات المتحدة فى تركيا وترجمه المركز الكُردى للدراسات إلى اللغة العربية بعنوان " تزايد حالة اللاثقه فى الحليف التركى ".. لكن أردوغان اعتبر أن امريكا قامت بالغدر به والاستغناء عنه مبكرا ونقضت عهود التحالف القديم الذى كان يجب أن تطغى استراتيجيته على اى إجراءات قانونية ووثائق تطلبها واشنطن من تركيا مقابل تسليم فتح الله غولن إلى تركيا.
أمريكا لن تُسلم غولن بل سترسل داعش إلى روسيا لتلحق باردوغان اذا اعتقد أن زيارته القادمة إلى روسيا وبداية تعاون مع اقوى الدول فى التجسس سبباً فى أن يحصل على جواب شافى فى ضلوع الولايات المتحدة فى محاولة الانقلاب عليه !!
إذاً أردوغان لا يملك الدليل على تورط غولن لكنه يستطيع أن يحصل على ادلة اخرى لتورط امريكا من خلال تجسس روسيا يُساوم بها امريكا ويضغط عليها لتسليم الرجل.
رواية كاذبة روج لها الإعلام الأمريكى ولم تدخل عقل أردوغان بأن أمريكا هى التى حاولت إجهاض الانقلاب الذى أيده الجيش التركى وفضائح لكشف دور أمريكا الحقيقى.
إذا ما هى التصورات لحل أزمة تصفية الحسابات هذه ؟ فألمانيا رفضت طلب أردوغان اللجوء ليلة الانقلاب كما انها رفضت بث خطاب أردوغان للأتراك داخل ألمانيا عبر الدائره التلفزيونية بالأمس لأنه يهدد الامن كما قالت المحكمة هناك وهذا يعنى انهم لا يثقون فيما يمكن أن يقوله أردوغان للأتراك المسلمون الذين يعيشون فى ألمانيا باسم الاسلام، وفى هذا الإطار لمعرفة ألمانيا بل وأوروبا بدور انقرة الحقيقى كتب الخبير الامريكى جورج فيردمان فى تحليل له بعنوان " بلجيكا وتركيا واستراتيجية الدولة الإسلامية " ربط مابين الهجمات التى وقعت فى بلجيكا وتركيا والتى اصابت المعاقل الرمزية لاثنين من الأعداء المحتملين لتنظيم داعش بهدف زعزعة الاستقرار وتجنيد عملاء محتملين فى كلا الدولتين ليتولى هذه الهجمات، فالتنظيم قادر على تجنيد الأتراك ونقل عناصر اخرين من الخارج " يقصد من الدول العربية أو أوروبا " إلى تركيا ثم إرسال دفعة جديدة من الجهاديين إلى أوروبا أو إلى اى دولة وهكذا.
هذا الدعم اللوجستى والفعلى بين تركيا وتنظيم داعش لم يكن مجرد حملات تشويه لتركيا بل كانت حقيقة فهناك وثائق كشف عنها نائب رئيس حزب الشعب الجمهورى بولينت تيزجان خلال ٢٠١٤ بان التنظيم يملك مكاتب خاصة بتجنيد المقاتلين فى كل من اسطنبول وغازى عنتاب وان ثلاثة شاحنات تم توقيفها نفس العام من قبل ضباط شرطة مدينة اضنه التركية تم تحميلها بالأسلحة فى مطار يقع بأنقرة وكانت متجهة للحدود السورية كمساعدات إنسانية حيث كان ينتظر عملاء الاستخبارات التركية الذين استلموا الشحنات وأدخلوهم لفرع التنظيم فى سوريا وأردوغان حينها أنكرها بشدة.
الخلاصة الأهم أن التحالف التركى الامريكى يسير إلى الدمار وخيار لجوء اى انقلابى تركى إلى مصر أو حتى تدخل مصر ضد تركيا فى هذا التوقيت العبثى سيجلب داعش بقوة إلى مصر، علاوة على أن هذه الدعوة للصراع مبكرة فالتاريخ طويل وحافل بعدم الوفاء بالعهود وأرجو أن تخرج مصر من هذا الخيار فالمحاولات الجادة لتركيا فى هدم استقرار مصر من الخارج تختلف تمام عن محاولات تركيا بجدية تجنيد عملاء داعش داخل مصر لبدا القيام بعمليات للانتقام.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة