منذ أن خلق الله الإنسان وهو فى كبد ونصب وتعب لا تعرف الراحة إليه سبيلا، وعلى مر العصور الإنسان المصرى نصيبه كبير من حصة التعب، فمنذ قديم ورغم أن النيل منحنا الحياة لكنه أحيانا كان يخذلنا، حتى أن قارئ التاريخ يعرف بسهولة المجاعات ونقص الماء والثمرات الذى لحق بنا، لكن الله فى النهاية سلم وحمى، أقول ذلك بمناسبة التقرير الصادر عن البنك الدولى بأن 1.6 مليار شخص يعيشون فى بلدان تعانى ندرة فعلية فى المياه، مؤكدا أن الرقم قد يتضاعف خلال العقدين المقبلين، ومضيفا أن دول حوض النيل قد تواجه عجزا يزيد على 50 فى المائة من إمدادات المياه المتاحة بحلول عام 2050، وذلك نتيجة زيادة الطلب عن المعروض، مع تدنى احتمالات خلق مصادر جديدة للمياه.
بالطبع معرفة المشكلة أمر ضرورى للوصول للحل، ونحن لدينا مشكلة فى الماء ستحدث حتما، سواء كان الأمر ناتجا عن سوء تصرف منا أم أنه كان بسبب مؤامرة خارجية تعمد إلى التضييق على ظروفنا وحياتنا، لكن الأمر واقع لا محالة، العبقرية تكمن فى البحث عن حلول بعد التعرف على أبعاد المشكلة واستخدام العلم فى كل مراحل حل المشكلة.
سد النهضة الذى يبنى فى إثيوبيا والدراسات العلمية تؤكد وقوع المشكلة، لكن لا أحد يحدثنا عن خطوات الحل، ما زلنا فى مصر نعيش بفكرة التمنى، كادت أديس أبابا أن تنتهى من سدها الذى حتما مهما حاول البعض التقليل من أثره السيئ، لكن حتما هذا الأثر موجود، ولم تخرج علينا دراسة علمية لتقل لنا ما يجب على الحكومة وما يجب على الشعب فى المحافظة على الماء، وربما هناك دراسات عدة جادة فعلت ذلك، لكن الحكومة لم تتبن أى من هذه الدراسات لذا لم نعرف عنها شيئا.
خلاصة الكلام لماذا لا تقوم الدولة بإعداد خطة لمواجهة هذا الخطر القادم لا محالة ؟ على أن تكون خطة بها جانب كبير من الوعى الثقافى بخطورة الأزمة، وتعتمد فى ذلك على وزارة الثقافة شريطة أن يتم ذلك فى الشارع وليس فى الندوات المغلقة ولا المؤتمرات والمهرجانات الاحتفائية التى لا تقدم جديدا على مستوى الفعل، يمكن لقصور الثقافة أن توجد بشكل كبير فى صناعة هذا الوعى، وذلك بتوضيح المشكلة وإقامة الورش.
على الدولة فى المرحلة المقبلة أن تحول «البحث عن الماء وحمايته» إلى مشروع قومى، وأن تسعى بحيثية كبيرة إلى تنفيذه.