تمر اليوم الأحد، الذكرى الـ15 لأحداث 11 سبتمبر 2001، التى قسمت العالم لجزأين، محور الشر وآخر للاعتدال، وتسببت فى المشهد المرتبك الذى تشهده منطقة الشرق الأوسط حتى الآن، بعد تدمير الدولة العراقية وضرب أفغانستان، وما تلى ذلك من أحداث كلها كانت مبنية على 11 سبتمبر، سواء تلك التى اتخذت شعار «الفوضى الخلاقة»، أو الشرق الأوسط الجديد، أو الربيع العربى، فكلها عناوين لشىء واحد، وهو تداعيات 11 سبتمبر .
هذه التداعيات أصابت الجميع، بمن فيهم أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، فالحرب فى البداية كانت تحمل شعار الحرب على الإرهاب، لكنها فقدت البوصلة بعد ذلك، بعدما تركت السبب الرئيسى للإرهاب المتمثل فى ترك القضية الفلسطينية دون حل، مع التركيز على الإرضاء الأمريكى للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على حساب حقوق العرب والفلسطينيين.
فقدت الحرب على الإرهاب البوصلة حينما استخدمت كذريعة لضرب استقرار دول لا تدين بالولاء لواشنطن والغرب بشكل عام، فكانت النتيجة ما نشاهده الآن من تفسخ وتدمير لمقدرات دول مثل العراق وليبيا وسوريا واليمن، ولولا يقظة الجيش المصرى لكانت مصر ضمن قائمة الدول المنهارة .
اليوم تمر 15 عاماً على أحداث 11 سبتمبر، وتداعياتها دون أن نرى تقدم إيجابى للأمام، فالإرهاب لازال موجوداً وإن كان بوتيرة أكبر، فقبل 15 عاماً كنا نتحدث عن إرهاب القاعدة، لكن اليوم نتحدث عن داعش وجبهة النصرة والإخوان وبوكو حرام وجماعات أخرى باتت أكثر إرهاباً من القاعدة نفسها، التى لا وجود لها إلا فى بيانات تصدر كل فترة على لسان زعيمها أيمن الظواهرى، الذى خرج الجمعة الماضية فى شريط فيديو مهدداً الولايات المتحدة بتكرار أحداث 11 سبتمبر «آلاف المرات»، متوجهاً إلى المسلمين بالقول «إن طريق الخلاص هو الدعوة والجهاد».
شرائط الفيديو أصبحت هى الدليل الوحيد الملموس على وجود القاعدة، بينما هناك عشرات التنظيمات التى تمارس الإرهاب على مرآى ومسمع الجميع دون أن نجد تحركاً مشابهاً لما قامت به الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر، ورغم وجود تحذيرات متعددة من دول بالمنطقة تواجه الإرهاب، لكن للأسف لم تلقى دعماً حتى الآن من الدول الكبرى، بل أن هناك دولاً متورطة فى دعم الإرهاب بالمنطقة دون أن نجد تحركاً ضدها، والإشارة هنا واضحة، فتركيا التى يحاول الاتحاد الأوروبى إبرام اتفاق معها بشأن اللاجئين، هى أكبر متورط فى دعم الإرهاب بالمنطقة، ورغم ذلك لا يرى الغرب شيئاً.
كل ذلك يشير إلى أن الحرب على الإرهاب لم تكن صادقة النوايا، بل كانت مجرد ستار لتحركات أخرى تستهدف إسقاط دول وأنظمة سياسية، بالفعل غالبيتها ديكتاتورية، لكن لم يكن من الموفق استخدام القوة العسكرية لخلعها، لأنها خلفت تنظيمات إرهابية حاولت ملء الفراغ السياسى فى هذه الدول، وبقيت القوى الكبرى موقف المتفرج، تنتظر ما ستؤول إليه الأحداث.
الشىء الوحيد الذى يبدو أنه تغيير الآن، هو إقرار مجلس النواب الأمريكى قانوناً الجمعة الماضى، يسمح لضحايا اعتداءات 11 سبتمبر وأقاربهم بمقاضاة حكومات أجنبية يشتبه بدعمها أعمالاً إرهابية ضد الولايات المتحدة، والإشارة هنا واضحة، فالسعودية هى المستهدف الأول من هذا القانون الذى وافق عليه أيضاً مجلس الشيوخ فى مايو الماضى، وينتظر فقط موقف الرئيس باراك أوباما، الذى من حقه استخدام حق الفيتو عليه، وأياً كان موقف البيت الأبيض من القانون فإننا أمام تغير مهم فى السياسة الأمريكية أقرب للانقلاب على الحلفاء والأصدقاء، وهو ما سيؤدى إلى تطورات أكثر دراماتيكية خلال الأشهر المقبلة، ربما تزداد سخونة بعد الإعلان رسمياً عن الرئيس الجديد للبيت الأبيض.