الشباب هم كلمة السر، وطليعة انتصارات ثورتى يناير ويونيو، هم الأمل فى غد أفضل، وهم نبض حياة المجتمع، هم جيل بادر فى صناعة أحداث لم تعرفها أجيال سالفة، وقد لا تشهدها خلف العقود الشارفة، فعندما أعطت مواد الدستور فئة الشباب التمييز الإيجابى فى تشكيلة القوائم الانتخابية، كانت بمثابة منح فرصة وصول لنقطة بداية «كتلة شبابية برلمانية»، تعبر عن أوجاع وطموحات انتصارات وانكسارات جيل لا يمكن وصفه إلا بالاستثنائى، فبمناسبة انتهاء دور الانعقاد الأول للبرلمان، تجدر الإشارة إلى أن من انُتخب من الشباب فى مجلس النواب يشعر بمسؤولية مضاعفة وأولوية نحو شباب مصر قاطبة، حيث تدفعنا ثقة أقراننا لدراسة مشاكلهم بتمعن، والدفع بالتشريع والرقابة فى إيجاد الحلول المناسبة لمتطلباتهم واحتياجاتهم وأمنياتهم، التى أوكلت إلينا وأنابونا فى التعبير عنها فى ظل تحديات جمة، لم تشهدها بلدنا والمنطقة من قبل، لنستشعر بحجم المسؤولية التى تقع على عاتقنا والتى سيتوقف عليها نجاح تجربة واعدة أو قتلها فى مهدها.
عند الوقوف على خريطة فئات الشباب سنجد تطلعات متعددة، لكن يبقى عائق مشترك يؤرق عموم الشباب، البطالة وما يتصل بها من امتهان الكثيرين لأعمال غير مناسبة لمؤهلاتهم العلمية، وهو ما يشعرهم بمرارة الحياة، وقسوة المجتمع تجاههم، وهو ما يحفزنا لسن تشريعات قادرة على مكافحة الفساد والبيروقراطية، وتعظيم دور الأجهزة الرقابية، بما ينعكس على تشجيع الاستثمار، للمستثمرين المصريين قبل الأجانب فنذلل العوائق، لنفتح آفاقا جديدة ورحبة فى توفير فرص العمل الملائمة، بجانب ذلك التنبه لضرورة العمل على إعادة هيكلة التعليم الفنى، بما يوفر العمالة المدربة، وهو ما نفتقر إليه منذ سنوات، صار يجلب فيها أصحاب المصانع، العمالة الهندية، فى دولة كانت يوما ما من مصاف الدول المصدرة للعمالة المدربة، إضافة لذلك، العمل على تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، على غرار التجربة الصينية الناجحة.
لنأتى إلى أكثر الملفات الموجعة التى فى حاجة لمعالجة سريعة، لكونها مسببة لطوفان الاحباطات المجتمعية، حيث صارت تأتى بعواصف محملة بجدل عقيم، حول صاحب المسؤولية، وعلى من يقع اللوم؟ على الدولة التى لم تحتضنهم وتستفيد من إنجازاتهم وابتكاراتهم أم على شباب المخترعين، الذين ذهبوا وحصلوا على جنسيات دول أخرى، قررت أن تحول ابتكاراتهم إلى مشاريع نهوض لدولهم.
كل ما سبق هو تحديات شباب مصر بشكل عام لنتطرق إلى ملف خاص بالشباب، بالتحديد الشباب المسيس، الذى مازال الكثير منهم مصابا بحالة تيه، ترجع أسبابها لعدم وجود مشاريع سياسية مُمهدة وقادرة على جذب الشباب بعيداً عن العمليات الممنهجة، لتخريب العقول على يد منظمات مشبوهة، وبقايا حركات احتجاجية اختزلت مفاهيم الثورة فى فعل التظاهر، وانشغلت بمنح ومنع صكوك الثورة، وهو ما يعيق تقدم، الشباب نحو الانخراط بشكل كبير، فى الحياة السياسية، عن طريق القنوات الطبيعية للعمل السياسى، وهو ما يحتاج لتشريعات قادرة على تطوير الحياة الحزبية، بما ينعكس على تدعيم المؤسسات الحزبية بكوادر شبابية قادرة على المشاركة، فهذا الجيل كانت له الريادة، فى صناعة ثورتين عظيمتين، فبات يستحق الإعداد للقيادة.
ليأتى على صعيد ممتد ملف آخر فى غاية الأهمية، وهو الإدارة المحلية التى أفرد لها أيضا الدستور فى مواده كوتة خاصة بالشباب، حيث خصص ربع عدد المقاعد لمن دون سن الخمس والثلاثين، حيث يهدف ويرمى لصناعة كوادر سياسية وإدارية، مما يسهم فى خلق حالة من الإحلال الناعم على كل الأصعدة فى المجتمع، لنرى أنفسنا أمام مشروع جيل إما أن ينجح فى صناعة واقع مختلف وغد أفضل أو ينضم لأجيال سابقة من المحبطين، فمصر لن تتقدم إلا بشبابها فقد يكون شباب البرلمان قد عجزوا فى سنة أولى برلمان عن تقديم دور تشريعى ورقابى ملموس فى معالجة قضايا الشباب، والسبب يرجع فى ذلك إلى استنزاف وقتنا ومجهودنا نحو تنفيذ الالتزامات الدستورية، إلا أننا عازمون أن يشهد دور الانعقاد الثانى بحول الله مجهودا مضنيا نحو تعزيز الحلول القادرة على مجابهة مشاكل وتحديات الشباب بكل فئاته.