أؤكد أن أمر الإرهاب الذى ضرب العشرات من دول العالم باسم الإسلام (لن ينتهى) فى القريب العاجل، وأن المواجهات الأمنية، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وغيرها من الاجراءات التى يتبعها العالم، أصبحت لا تكفى، وأن الامر أصبح يحتاح بالتوازى مع تلك الاجراءات إلى تحرك إسلامى جاد لفتح حوار مع الالاف من الشباب الذين استقطبهم دعاة مُظللون، وزرعوا بداخلهم عقيدة جعلت الآلاف من المرفهين منهم فى الخليج وأوروبا، إلى ترك حياة الترف والرفاهية، والانزواء فى كهوف بالصحراء، اعتقادا منهم ان المجتمعات التى يعيشون فيها كافرة، ويقوم على أمرها مجموعة من الحكام الكفرة، الذين يشرعون من غير ما أنزل الله، ويتخذون من انفسهم اندادا للمولى عز وجل، وأنه فرض عين عليهم ضرورة محاربة هؤلاء الحكام الكفار، وكل من رضى بولايتهم، والذى ينسحب عليهم أيضا حكم الكفر.
فاللأسف الشديد أن أغلب هؤلاء يستندون فى تفجيرهم وتخريبهم وقتلهم لفكرة( الحاكمية) التى احياها المفكر الهندى (أبو الأعلى المودودى) الذى كون الجماعة الإسلامية، وبدأ يستدعى فكرة الحاكمية من جديد، وكتب كتابا أسماه (المصطلحات الأربعة فى القرآن) وحددها مصطلحاته بـ ( الإله ـ والرب ـ والعبادة ـ والدين) مؤكدا انها يقوم عليها الإسلام، وفسر كلمة الإله بأنه الحاكم، والألوهية بالحاكمية، والعبودية بأنها الطاعة لحكم الله، مؤكدا إن الله له الحكم والسلطة، والخلق ليس لهم إلا الطاعة المطلقه، ومن يدعى أن له حرية فى أن يحكم أو يصدر قوانين يخضع لها البشر فهو (كافر) لأنه ينازع الألوهية فى أخص خصائصها وهى (الحاكمية) وان من يطيع من يحكم ويضع القوانين الحاكمة هو أيضا (مشرك) لأنه اتخذ من دون الله إلها آخر.
ولعل الغريب فى الأمر أن ما أتى به المودودى من مفهوم (الحاكمية) وكان الدافع وراء الجماعات المسلحة للقتل والتخريب، وهو ذات الفكر الذى اتى به الخوارج الذين أرغموا سيدنا (على بن ابى طالب) ـ عليه السلام ـ على قبول التحكيم، بعد اقترابهم من الهزيمه، ثم انشقوا عنه، وقالوا الحكم لله، وكفروا الصحابة (على بن ابى طالب) وقتلوه، واندثر هذا الفكر باندثار الخوارج، إلى أن أحياه (أبو الأعلى المودودى).
ثم جاء (سيد قطب) فتبنى فكر المودودى، وانطلق منه، وانتهى إلى أن (الحاكمية لله، وأن الألوهية هى الحاكمية، وأن كل البشر الذين يعطون لأنفسهم الحق فى إصدار قوانين أو تشريعات أو أى تنظيمات اجتماعية يخرجون من الحاكمية الإلهية إلى الحاكمية البشرية) ومن ثم أصبح البشر محكمون بقوانين غير قوانين الله، وبأنظمة لا يرضى عنها الله، وتخالف شرائعه، وبالتالى أصبح هذا المجتمع ـ طبقا لفكرة ـ (كافرا ويعبد غير الله).
كما انتهى فكر سيد قطب، الذى بثه من خلال كتبه، وتبناه الالاف من الشباب (أن المجتمعات التى تعيش فيها الأمة الإسلامية الآن هى مجتمعات جاهلية مركبة، حيث توجد قوانين ودساتير تحكم المجتمعات، وتوجد أنظمة وقوانين دولية ) وهذه كلها – من وجهة نظره ـ يعد بمثابة (أصنام) وبالتالى أصبح يوجد بالمجتمعات الاسلامية الآلاف الأصنام يعبدها المسلمين من دون الله.
للأسف، أن هذه المفاهيم التى جاء بها (سيد قطب) والتى ما أنزل الله بها من سلطان، وجدت من تبناها من الدعاة، واستطاعوا ان يغسلوا بها رؤوس الآلاف من الشباب، الذين انساقوا إلى التفجير، والتدمير، وقتل الأبرياء، من منطلق انهم يقومون بأعمال جهادية قد تقودهم إلى الجنة، وأن من يقتلون فى تلك العمليات ما هم إلا مجموعة من (الكفرة) الذين اتبعوا قوانين وضعية أمر بها حاكم كافر اتخذ من ذاته ندا لله.
أعتقد أن المواجهات الامنية الصارمة بمفردها مع هؤلاء الشباب المضلل لن تجدى، لأنهم يستقطبون يوميا العشرات من الشباب، وأن الأمر يتطلب ضرورة تشكيل جبهة دولية من العلماء من كافة أنحاء العالم الإسلامى، لمحاورة هؤلاء الشباب، والوصول بخطاب إسلامى معتدل إليهم بأى شكل وبأى طريقة.
عدد الردود 0
بواسطة:
basem
لا تعليق
كلنا مقتنعون بهذه الافكار لان هذا الاسلام الحقيقى و ليس الاسلام المزيف الذين تسعون لفرضه بقوة السلاح
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoud
هام جدا وخطير
بداية احيي كاتب المفال واناشد اليوم السابع تبنى فكرة حوار مجتمعى لشرح هذه القضية لان الفكر لابد ان يواجه بالفكر والموضوع هام جدا وخطير