أحمد إبراهيم الشريف

فى غرفة العنكبوت.. حكايات محمد عبدالنبى الحزينة

السبت، 17 سبتمبر 2016 06:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«امش يا هانى، لا تتوقف عن المشى، لو توقفت تتجمد وتنتهى. امش بسرعة كالمطارد، هاربا من الحكايات كلها، القديمة والجديدة، الحكايات نفسها التى تلاحقها الآن على هذه السطور».. كان الله فى عون هانى محفوظ ورفاقه فى عالم لا يعترف بالاختلاف ولا بالسبل المختلفة للحياة، مأساة كبرى صاغها الروائى المميز محمد عبدالنبى فى روايته «فى غرفة العنكبوت» الصادرة عن دار العين.
كل شخصيات الرواية مأزومة ولا تعرف حلا لمشكلتها، يبدأ التوتر منذ السطر الأول فى الصفحة الأولى ولا ينتهى بتوقف محمد عبدالنبى عن الكتابة، فلا يزال هناك فصل آخر يتعلق بالبحث عن كريم سعدون والعثور عليه، وقد تركنا الكاتب نكمله نحن بخيالنا المثقل بالواقع الصعب الذى عايشناه طوال صفحات الرواية، بالتأكيد ستبحث الفرقة المكونة من هانى وعبدالعزيز ومحمد سكر عن «كريم» لكنهم سيجدونه إما منتحرا أو على أقل الاحتمالات فاقدا عقله لا يعرفهم ولا يتذكر شيئا من مأساته الطويلة، وأكاد أقول إن هانى محفوظ كان يتمنى ذلك حتى لو لم يدركه وعيه الظاهر، لأنه يعرف أن هذين هما الحلان الوحيدان لما يعيشه كريم من أزمة فى هذا المجتمع.
 
الرواية ممتلئة بلحظات القلق التى تمسك برقاب بعضها ثم تنتقل إليك، فلا تستطيع التوقف عن القراءة بحثا عن فرصة تهدأ الأمور فتلتقط أنفاسك، فقد عرف «عبدالنبى» كيف يضفى على الحوادث الحقيقية فى بداية الألفية الجديدة أجنحة من الخيال، وجعلنا طوال الوقت متنبهين ونحن واقعون تحت أطنان من التأثر نبحث معه عن حل ومتنفس لجميع الشخصيات التى تحكى قرابة 40 عاما من التغيرات الاجتماعية التى عاشها المجتمع المصرى.
 
فى هذه الرواية تقدمت النماذج المختلفة «المثليين» والتى كانت تظهر على استحياء فى الكتب والروايات الأخرى إلى النقطة الأساسية لدائرة الضوء وصارت هى بطلة الحكاية الرئيسية والفرعية، فاكتشفنا أن آلامها مشابهة لآلام الجميع، فكونك مثليا لا يعنى أنك مصنوع من خشب أو حديد أو أن أحلامك وطموحاتك مركزة فى شىء واحد تبحث عنه طوال الوقت، على العكس كانت درجة الألم أصعب وأقسى من الحكايات الطبيعية، وكانوا وحيدين حتى أثناء محاولتهم صناعة دوائر تخصهم، وحده العنكبوت الذى ينسج خيوطه طوال الوقت هو الصديق الأقرب لهانى محفوظ، فهو من عرف كل التفاصيل حتى التى لم يكتبها هانى فى دفاتره التعويضية فى مرحلة إصابته بالخرس.
 
استخدم محمد عبدالنبى تقنيات سردية تقوم على التداخل لا يعترف بالزمن فهو يذهب ويجىء حسب ذاكرة رجل يعيش فى أزمة فهو يحكى عن واقعه ثم يعود لذكرياته ويحكى عن والدته وخالته وعبدالعزيز وكريم ويعود مرة أخرى لأزمته فى محاولة كى تكتمل الحكاية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة