المؤتمرات الأدبية التى تنظمها وزارة الثقافة فى الأقاليم، سواء رضينا عنها أو اختلفنا معها، إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أهميتها ودورها، ودائما ما نتمنى لها الأفضل، لذلك تمنينا هذا العام أن يقام مؤتمر أدباء مصر فى إحدى مناطق مصر النائية، لكنه لم يحدث وستتم إقامة المؤتمر فى المنيا فى شهر ديسمبر المقبل.
ولما سألنا المسؤولين على المؤتمر: لماذا لم يختاروا مناطق فى سيناء أو السلوم أو حلايب وشلاتين وغيرها من المناطق البعيدة التى هى فى حاجة ملحة لإلقاء الضوء عليها وجعل المثقفين يوجدون فيها ويتعرفون على ثقافتها الخاصة؟ أكدوا أنهم تواصلوا مع المحافظين المسؤولين فى هذه المناطق فبعضهم رفض وبعضهم تجاهل الطلب ولم يرد.
لذا أخاطب المحافظين الذين رفضوا الذين تجاهلوا أن يقام عندهم مؤتمر ثقافى سيستمر لمدة ثلاثة أيام لا أكثر، وسيحضره عدد لا بأس به من كتاب مصر ومثقفيها، ولن تستطيع وسائل الإعلام، على الأقل الثقافية تجاهله، وحتما سيضم المؤتمر محورا يتعلق بالمكان الذى يستضيف المؤتمر مما يساعد على اكتشاف كتَّاب جدد فى المحافظة أو إلقاء الضوء على سمات خاصة للكتابة هناك، أخاطبهم وأقول لهم يا أيها المحافظون ما العوائق التى تمنع أى محافظة من استضافة ذلك، وأن تفرح بالأنشطة الثقافية التى تحدث فيها، وأن تعتبر الأمر بمثابة سياحة داخلية بديلة يمكن لها أن تكون حلا لمشكلات كثيرة نعانى منها.
أخشى أن يكون المحافظون قد نظروا إلى الأمر باستهانة، ورأوا فى إقامة مؤتمر ثقافى أمرا ليس ذى أهمية، وهنا تكون الكارثة الكبرى، لأن من لا يعرف قدرة الثقافة على التغيير وصناعة الأفضل فلن يتقدم بمسؤوليته للأمام خطوة واحدة وسيدور فى دائرة مفرغة لا يعرف كيف يخرج منها، كما أخشى أن تكون فكرة الرفض مقبلة من منطق «ألا يفتح المحافظ على نفسه بابا للريح ربما يأتى بما لا يشتهى»، خاصة أن المحافظات التى نقصدها ذات طبيعة خاصة، لكن لو فكر المحافظ بأن المنع خوفا من عدم توفير الأمن هو الحل فإن ذلك أكثر ضررا مما يتخيل، لأن المؤتمرات والفعاليات بوجه عام هى من تعطى إحساسا بالأمان وتشجع الآخرين على الذهاب إلى هناك، أما لو كان المانع «اقتصاديا» بعدم قدرة المحافظة على المشاركة فى تكاليف المؤتمر، فأعتقد أن هذا الأمر كان له أكثر من حل إلا الرفض أو التجاهل.
كان على المحافظين فى المناطق البعيدة عن العاصمة أن يقوموا بدورهم فى هذا الأمر، وأن يحاولوا وحينها حتما كان سيصيبهم النجاح لو أعدوا للأمر عدته.