الحكومة لا تملك روح المبادرة وغرقانة فى تفاصيل سياسة رد الفعل فقط
فى مقال، أمس، السبت، فتحت ملف ضعف الأداء، وترهل الإدارة فى كل قطاعات الدولة، وأكدت أن الدولة القوية الظالمة أفضل كثيراً من الدولة الضعيفة العادلة، والدول القوية مثل أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا على وجه الخصوص، تطبق ديمقراطية قوامها «الحسنى لمن يستمع فى النهاية، والعصا لمن يتمرد»، كما أن الدول القوية، هى التى صاغت قواعد اللعبة، أو ما يسمى بالشرعية الدولية، وعلى رأسها سن قوانين ميثاق الأمم المتحدة، التى تسير وفق مصالحها، ولا تتقاطع معها.
وأكدت فى المقال أيضاً أن على الدولة المصرية أن تعمل وفقاً لما يقتضيه أمنها القومى، وأوضاعها الاقتصادية والسياسية، دون الوضع فى الأذهان، أن هذه القرارات ستلقى اعتراض أمريكا وبريطانيا، لأن مثل هذه الدول بجانب حلفائهم تركيا وقطر، وجواسيسهم فى الداخل من الجماعات الإرهابية والحركات الفوضوية لن ترضى عن النظام الحالى حتى ولو كانت مصر فى عهده ستقارع الصين واليابان وألمانيا من حيث التقدم والازدهار.
لكن تعالوا نطرح السؤال، هل الحكومة المصرية قوية وقادرة على فرض سيطرتها القانونية بكل قوة؟ وقادرة على الضرب بيد من حديد على حالة الفوضى والفساد الذى طال كل شىء دون خوف؟
ملخص الإجابة الشافى الوافى على هذا السؤال، يمكن استخلاصه من إجابة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، على سؤالى الذى طرحته عليه منذ شهور ومفاده، من الأقوى الحكومة أم الإعلام؟ فأجاب وبكل أريحية وبضمير مستريح، وأمانة شديدة، «الإعلام أقوى من الحكومة».
كان لقاء قد جمعنى برئيس مجلس الوزراء منذ شهور، عندما كنت أشرف برئاسة تحرير برنامج أنا مصر، والذى كان يذاع على القناة الأولى والفضائية المصرية يومياً، حيث طلبنا حواراً مع رئيس الوزراء، والرجل وافق مشكوراً، وكان ذلك أول حوار له عبر شاشات التليفزيون.
جلست أنا والدكتور معتز عبدالفتاح، مع رئيس الوزراء قبل بدء التسجيل، وناقشنا المحاور الرئيسية للحوار، وفى إطار الدردشة خارج «التسجيل» والنشر، كان الرجل لديه شكوى من الإعلام وأن هناك تضخيماً لكثير من المشاكل، فطرحت عليه السؤال: من الأقوى الحكومة أم الإعلام؟ فأجاب بأن الإعلام أقوى، لأنه يملك القدرة على الوصول للناس فى بيوتهم دون أى حواجز، وفى أى وقت، بينما الحكومة لا يصل صوتها بالشكل اللائق، وطلب رئيس الوزراء بأدب جم، استبعاد هذا السؤال وإجابته من الحوار، وقد كان.
ولكن وفى ظل الأداء المرتبك، للحكومة، ووقوفها أمام أى مشكلة مرتعدة مرتعشة خائفة من اتخاذ قرارات حاسمة خشية الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، كان لزاماً على أن أنشر هذه الواقعة، لتفسر وتكشف قوة الحكومة الحقيقية على الأرض.
نعم الحكومة ضعيفة ولم تظهر العين الحمراء وغارقة لأذنيها فى تفاصيل «تافهة» وتهتم بالأمور الثانوية، وتبتعد عن جوهر القضايا، ودائماً سياستها رد فعل، فهى لا تمتلك المبادرة، وانفلت «لجام» السيطرة على الأوضاع من يديها، وهناك قاعدة شهيرة تقول طالما فقدت القدرة على المبادرة، وتبنيك سياسة رد الفعل، فإنك ستغرق فى التفاصيل التى يسكنها الشيطان، ولن تستطيع مجابهة المهاجمين الذين سيسددون على مرماك «كور» ومن مختلف الزاويا، ومع كثرة الهجوم وتسديد الكور ينتج أخطاء فى الدفاع، ومن ثم تلقى هزيمة منكرة.
نعم الحكومة مستغرقة فى تفاصيل رد الفعل، ولم تقدم مبادرة واحدة، من عينة وضع خطة لمكافحة الفساد أهدافها واضحة ومحاورها معلومة، ويتم الإعلان عنها فى مؤتمر صحفى، أو قدرتها على مواجهة الأزمات قبل وقوعها مثل أزمة اختفاء الدولار، واختفاء لبن الأطفال، بجانب أم المشاكل، وهى ارتفاع الأسعار إلى أرقام فلكية، ومشكلة الهجرة غير الشرعية، وغيرها من المشاكل التى لا تعد ولا تحصى، حيث تبنت فيها الحكومة سياسة رد الفعل.
نعم الحكومة ضعيفة، ومرتعدة، ولا تملك روح المبادرة، وغرقانة فى تفاصيل سياسة رد الفعل فقط...!!
وللحديث بقية...!!!