مصر بعد 25 يناير تعيش بين شقى الرحى.. الأفكار الخليعة والأفكار المتشددة والمتطرفة
قرأت يوم الخميس الماضى، موضوعاً منشوراً على موقع «اليوم السابع»، بعنوان: «من الشعر للبنطلون الـ«سكينى» بالصور هكذا تغير شكل «الرجولة» على انستجرام»، بقلم الزميلة رشا عونى المحررة بقسم المرأة فى «اليوم السابع»، وهالنى ما قرأت، حيث كشفت الزميلة الفاضلة، عن لجوء عدد كبير من شباب مصر، خاصة الذين يطلقون على أنفسهم نشطاء وثوار، لاستخدام أدوات وعادات وارتداء ملابس قاصرة على النساء فقط.
زميلتى المجتهدة، أكدت أن مفهوم الشاب العصرى، يبدأ من تطويل الشعر وربطه بتوكة، وارتداء الملابس الضيقة والشفافة والبنطلونات المقطعة، وعدد ضخم من «الحظاظات» فى يديه، وسلاسل فى رقبته، ووضع مكياج، ورسم التاتو والوشم فى أماكن لافتة وغريبة من أجسادهم، ثم التفاخر من خلال نشر صور لهم على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة «الانستجرام» يطلون عبرها وهم يتزينون بالمكياج دون أى حرج.
هؤلاء الشباب الذين يتبنون مفهوم الشكل والمضمون العصرى للشاب المصرى، فى الأونة الأخيرة، إنما تمثل ظاهرة خطيرة، وبالغة السوء عن مفهوم الرجولة وصفاتها من سلوك ونهج، لذلك لا تتعجب من أن هؤلاء يهاجمون الجيش المصرى، لأنه مصنع إنتاج الرجولة.
وتشتعل نيران الأسئلة الخطيرة حول هذه الظاهرة بالغة السوء، ومنها، أين دور الأسرة المصرية والمدرسة والجامعة والأزهر والمؤسسات الثقافية من سينما ومسرح وقصور الثقافة مما يحدث من خطر داهم يزحف بكل قوة لالتهام الهوية المصرية بمفهومها الشامل؟
أين الأزهر ومنابره المنتشرة فى كل مكان من تصحيح المفاهيم الخاطئة؟ وهل هناك صراع شرس بين نار الأفكار المتطرفة وبين نار الأفكار الخليعة، وكأن مصر مكتوب عليها أن تقع بين شقى الرحى، أفكار متطرفة تدفع لتفريخ عناصر إرهابية متطرفة، وأفكار خليعة وسافلة ومنحطة تدفع بعناصر لا تستطيع أن تفرق بينها وبين النساء فى شىء، وانقرضت الوسطية وسط هذا الصراع الملتهب؟
المصيبة أن الطرفين، سواء الذين يتبنون الأفكار المتشددة والمتطرفة، أو الذين يتبنون الأفكار الخليعة التى تتقاطع مع شكل ومضمون الرجولة، لهم الكلمة العليا الآن فى المجتمع، ويقودون المنابر الخطيرة للترويج لأفكارهم، سواء المنابر فى المساجد والمدارس والجامعات والأندية، أو منابر السوشيال ميديا بكل أنواعها، وعدداً من الأبواق الإعلامية خاصة القنوات الفضائية.
ورغم اختلاف الأفكار وتباينها الشديد بين الطرفين، إلا أنهما يتفقان فقط على كراهية الجيش المصرى، وجميع مؤسسات الدولة الرسمية، والدعوات للفوضى والمظاهرات المخربة ونشر الشائعات والبلبلة، والبحث فقط عن شعارات حقوق الإنسان المتعلقة بالحق فى الشتيمة الوقحة «تعبيرا» والمظاهرات المخربة «نهجا»، وكأن حق الإنسان فى الأمن والأمان والاستقرار، وتوفير لقمة العيش وتلقى علاجاً محترماً، والإقامة فى مسكن آدمى وتعليم جيد ووسائل مواصلات لائقة، وألا يتعذب بانقطاع التيار الكهربائى، أو باختفاء البنزين والسولار، ليس من حقوقه الإنسانية والآدمية؟!
ما تشهده مصر منذ 25 يناير 2011، من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية يفوق الخيال الخصب بكل جموحه، ولا يخطر على بال كبار المنبئين وعلماء الفلك الذين لديهم قدرات على قراءة المستقبل، وكأنها «بالوعات مجارى» متعفنة انفجرت جميعها مرة واحدة، وأغرقت البلاد من أقصاها إلى أقصاها بكل أنواع «العفونة»، ونشر الفيروسات والبكتيريا الخطيرة لتنهش فى أجساد وعقول معظم المصريين.
كما ساهمت أيضاً مواقع التواصل الاجتماعى بشكل لافت فى زيادة إغراق البلاد فى وحل «المجارى» الكريهة، وباتت الخطر الرئيسى والجوهرى لتهديد مصر وأمنها القومى، وتقديم معلومات مهمة للأعداء، من خلال التحدث عن المشاكل والخلافات الفكرية والأيدولوجية، ولا غرابة أن نجد إسرائيل ووسائل إعلامها يتحدثون عن كراهية مصريين مثل شلة باسم يوسف للجيش المصرى، فى قضية لبن الأطفال، ومن ثم دراسة الحالة وتحليلها بما تصب فى مصلحتهم الأمنية.
ولك الله يا مصر...!!!