منذ أيام هدمت داعش تمثالا آخر للخليفة العباسى الثانى أبوجعفر المنصور، وحسب علماء الآثار وخبراء اليونسكو فإن داعش هى ثالث جماعة فى التاريخ تحطم هذا الكم من التراث الإنسانى بهذه البشاعة بعد التتار وجماعة طالبان، ومن يقرأ التاريخ جيدا يشعر أن هناك أوجه تشابه بين الثلاثة التتار وطالبان وداعش وأولها سحق من يخالفهم فى الرأى ومحو سيرته بالدم والعنف والتلذذ بالتمثيل بجثته، كان التتار يضعون أعداءهم على الخوازيق، ويسملون عيونهم، ويذبحونهم، ويضعون رؤسهم على الجسور، ويعلقونهم من أرجلهم على فروع الأشجار بعد سلخهم، وهو ما فعله تنظيم طالبان، ويفعله الآن داعش وفعله فى زمن الحكم العباسى أبو جعفر المنصور مع الأمويين، ومع كل من رفض بيعته من الخوارج أو العلويين أو الشيعة أو غيرهم من الفرق التى تصارعت على السلطه لا لرفعة الإسلام أو تقدم وصلاح المسلمين، وإنما حرصا على الدنيا وطمعا فى السلطان كما فعلت جماعة الإخوان، أما وجه الشبه بين داعش وأبو جعفر المنصور فهو الادعاء بأنهم يمثلون الله على الأرض، وأنهم مسلمون وغيرهم كفار.
ربما يكون منهج التكفير والإقصاء عند الفرق الإخرى كالإخوان والسلفية وجماعات الإسلام السياسى، وذلك لسبب أساسى أنهم شربوا من منبع واحد هو كتب سيد قطب وفكر الحاكمية لله، لكن ما يجعل داعش شديدة الشبه بطريقة أبو جعفر المنصور أنه لم يهتم بحرب أعداء الأمة والمتربصين بالعرب والمسلمين من الروم وقتها، وإنما أعلن، كما فعلت داعش، أنه سيحارب المسلمين الذين اعتبرهم زنادقة ومنافقين، لأنهم لم يبايعوه، وحينما يتخلص منهم تماما يتفرغ لأعداء الأمة، وهو نفس منطق داعش الآن التى ترفض محاربةإسرائيل وسنقول الأسباب كما سيأتى.
الشبه الآخر بين أبو بكر البغدادى والمنصور أن كليهما كانت عينه على بغداد، بل إن المنصور هو من أسس بغداد ووسعها واعتبرها عاصمة الإمبراطورية العباسية تحت يده، وهو ما يحلم به البغدادى الجديد أمير داعش، كما أنه جند من كل الجنسيات الإسلامية غير العربية ليحاربوا آخر خليفة أموى مروان بن محمد أثناء هروبه وبعد تسلم العباسيين الحكم انقلبوا على إعدائهم ومنهم الخراسانى نفسه.
أليس هناك أوجه تشابه بين داعش العباسيين وداعش عصرنا الحالى، ثم إن مقولة أبو جعفر المنصور أنا سلطان الله فى أرضه هى نفس العبارة التى قالها البغدادى فى أول خطبه له نحن نحكم بسلطان الله، وغيرنا يحكم بسلطان الشيطان.
ما علاقة كل ذلك بأوباما، الإجابة فى كلمته بالبيت الأبيض منذ أشهر التى علق فيها على ما يحدث فى العراق، وقال إننا سنسير بخطوات أسرع فى دعمنا لداعش والقبائل، وطبعا لم يتدارك الخطأ واضطر البيت الأبيض لتصحيح الكلمة فى بيان قائلا، إن الرئيس كان يقصد الجيش العراقى وليس داعش، والغريب أن أوباما اعترف فى ذات الخطاب أن داعش وليدة الوجود الأمريكى منذ 2003، يعنى داعش صناعة أمريكية بامتياز. وما لم يقله أوباما ولن يقوله أن التخطيط لداعش منذ أحداث سبتمبر وتبلورت الفكرة فى عهد بوش الابن الذى اعتمد خطة الشرق الأوسط الجديد وتفاصيل المخطط فى كتاب مهم أصدره الباحث الراحل عادل الجوجرى بعنوان «برنارد لويس سياف الشرق الأوسط مهندس سايكس بيكو 2». ومن يقرأ كتاب الجوجرى المدعم بالوثائق يعلم أن المخطط هو تفتيت وليس تقسيم الدول العربية لخمس وعشرين دويلة مع اختفاء سبعة دول اختفاء كاملا، وهى أكبر الدول بالمنطقة التى لديها جيوش لصالح استقواء إسرائيل وإعلان دولتها لكبرى من النيل للفرات، يشمل المخطط، حسب كتاب الجوجرى وكلام برنارد لويس الصهيونى، ويهدف إلى تفتيت المنطقة إلى خمس وعشرين دويلة صغيرة وأصحاب الدويلات منهم على سبيل المثال لا الحصر حماس والإخوان والشيعة والدروز والمورانة والأقباط والأكراد والنوبة وهلم جرا، إنه تقسيم على أساس عرقى أو دينى ولتذهب الأوطان ولغة الضاد والوطن العربى الكبير إلى الجحيم، الإخوان هم أداة حقيرة فى مخطط سايكس بيكو «2» وداعش تنسق معهم وتستخدمهم، كما حدث واستعانت بهم ولا تزال فى سيناء، والسبب والهدف ستجده فى مؤلفات سيد قطب الأب الروحى للإرهابيين المتأسلمين فى العالم، واللهم احفظ مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة