ما أروعها وأجملها وسحر هدوءها، وخلو شوارعها من إزعاج السيارات، وتكدس الشوارع واختناق المرور، وتكون القاهرة فى إجازات الأعياد مدينة الأحلام، تتنفس الصعداء وتتخفف من الأعباء، ويهجرها الملايين الذين يقضون الإجازة فى مدنهم وقراهم والمدن الساحلية، ومن يمر بسيارته فى وسط البلد والمهندسين والعباسية والتحرير، وغيرها من المناطق، لا يكاد يصدق نفسه من فرط هدوء العاصمة.
القاهرة فى إجازات الأعياد، تذكرنا بالزمن الجميل، أيام أفلام الأبيض وأسود، قبل أن يقتحمها طوفان الهجرة، حين رفع الملايين شعار "كل الطرق تؤدى إلى القاهرة"، وكانت سياسات كارثية خاطئة، جعلت كل من يحلم بفرصة عيش كريمة يأتى إلى القاهرة، الجامعات فى القاهرة والحكومة والوزارات والسينمات والمسارح، والأطباء والمستشفيات ومترو الانفاق والمطار، والأسواق والمولات والمراكز التجارية، واحتشدت كل سبل الحياة فى العاصمة.
الصعايدة هم اكثر من هاجروا للقاهرة، بسبب اهمال كل الحكومات فى الستين سنة الأخيرة للصعيد، لم ينشئوا فيه مدنا صناعية مثل العاشر و6 أكتوبر ولم يحصل على نصيبه العادل من خطط التنمية، فاصبح مخنوقا بين جبلين وسطهما نهر النيل، ولا سبيل للخلاص إلا بالهجرة إلى القاهرة، وأثبت الصعايدك قوة عزيمتهم وصلابتهم، وأصبح كثيرين منهم ملوكا للعاصمة، يمتلكون الأسواق والمحال التجارية، وعندما تذهب إلى سوق العبور أو 6 أكتوبر، يخيل إليك أنك فى قنا أو أسوان.
حتى المدن الجديدة التى تحيط بالقاهرة اصبحت حزاما ضاغطا على مرافقها وخدماتها وشوارعها، لأنها فى البداية كانت مثل اللوكاندات التى يبيت السكان فيها، ويذهبون فى الصباح إلى اشغالهم فى القاهرة، فزادوها تعبا على تعب وازدحاما على ازدحام، ومهما تعددت الكبارى والدائرى والطرق البديلة، فهى مجرد مسكنات، ولا تقدم حلولا ناجزة.
أجمل ما فى القاهرة فى الأعياد، هو اختفاء سيارات النقل واللوريات والمقطورات، التى تستبيح الشوارع فى جبروت وغطرسة، ولا تعترف بقوانين ولا حارات السير، والمشهد المكرر دائما، هو سباق سيارات النقل مع بعضها، وتعطيلها الطرق السريعة وأرتال السيارات الصغيرة خلفها، وصاحب الحظ العثر هو من تنحرف نحوه مقطورة، تقذفه فى الرصيف.
إجازة العيد هذا العام طويلة ومرحرحة، وتصحبها هجرة معاكسة إلى المواطن الأصلية، وسعيد الحظ هو من لا يغادر القاهرة فى العيد، سيشعر أنه فى بلد غير البلد وبشر غير البشر.. وكل عام وأنتم بخير.
عدد الردود 0
بواسطة:
صفوت الكاشف
///// حسنا : مع ذلك لماذا يبدو البعض كأكثرية لاتهتم بالنظافة /////
نعم القاهرة تبدو هادئة فى الأعياد .. لكنى أرى السلوك العام لايهتم بالنظافة إهتماما حقيقيا .. خذ عندك // إلقاء فوارغ الكانز وأكياس المقرمشات من نوافذ السيارات (بل وفى أرقى الأماكن أيضا) .. يمكنك أن ترى البعض وهو يضع أكياس القمامة بجوار الصناديق ـ وليس بداخلها ولايهتم إطلاقا بنتيجة ذلك حيث تنبشها القطط والكلاب وتبعثر محتوياتها .. إذا ركبت القطار ترى البعض يلقى بالفوارغ وقشر اللب على الأرض ، ويترك مخلفاته دون أن يصحبها معه لأقرب صندوق تجميع ... ترى معظم المدخنين ، وهم يلقون بأعقاب السجائر على الأرض _ قد تبدو الأرضيات وقتها كأنظف من الصينى ، مع ذلك لاتسترعى حالة النظافة هذه أدنى أهتمام (وكأن ذلك سلوكا عاديا) .. المثير للدهشة البالغة أن وسائل الإعلام لاتقوم بدور ملموس فى تغيير هذه السلوكيات .. وكأن هذه السلوكيات شيئا عاديا .. والأهم هو // أن سلوكياتنا قد فضحتنا حينما توجه البعض إلى شواطىء شرم الشيخ التى تحولت وقتها إلى ماتعلمون .. يمكنك أن ترى السياح وهم ذاهلون نتيجة لكل ما رأوه .. فهل الوعى البيئى ليس هاما بالنسبة لنا ؟؟