قبل عقود مضت، ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى، بدأت الملامح الأولى لمصطلح "القرن الأمريكى" فى الظهور، مبشّرة بصعود الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية، وبدء حضورها الواسع على الساحة الدولية، بما يشير إلى هيمنتها على فضاء القرن العشرين كواحدة من قواه الصاعدة والمؤثرة، أو القوة المتصدرة لباقى دول العالم، وتأكدت المقولة عقب الحرب العالمية الثانية وخروج الولايات المتحدة الأمريكية منها محققة أكبر المكاسب، وفرض كثير من رؤاها على العالم، وإطلاق خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا، ثمّ أصبحت المقولة حقيقة راسخة لا تقبل الشك عقب انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتى، وانفراد الصوت الأمريكى بأسماع العالم، وبينما كانت المقولة تقصد الحضور الأمريكى فى القرن العشرين، الذى انتهى فعليا منذ ما يقرب من عقدين، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لأن يكون الأمر قانونًا عامًا، وأن يتسع مجاله الزمنى لتظل العبارة صالحة فى كل سياق وقرن، ولكن يبدو أن رياح القرن الحادى والعشرين قد لا تأتى بما تشتهى سفن أمريكا.
"سى إن إن": المخابرات الأمريكية تحذر من نهاية النظام العالمى القائم
قالت إذاعة "سى إن إن" الأمريكية، إن المخابرات المركزية الأمريكية "سى آى إيه" أصدرت تقريرًا جديدًا حول رؤيتها للسياسات الدولية ومستقبل العالم خلال الأعوام المقبلة، وساد فى التقرير التحذير من نهاية النظام العالمى القائم، وعصر الهيمنة الأمريكية المنفردة على العالم، متوقّعًا مزيدًا من الطغيان السياسى والأمنى.
وقال التقرير، إن التبدلات فى المجالات الصناعية والمعلوماتية بدأت تعيد تشكيل العالم، بشكل يجعله أغنى بالفرص، ولكنه أخطر من ناحية التهديدات، مشيرًا إلى أن التقدم الكبير ساعد على تحسين حياة الملايين، ولكنه تسبب أيضًا فيما وصفها بـ"صدمات" مثل الربيع العربى والأزمة المالية لعام 2008، وصعود السياسات الشعبوية.
الصورة العالمية وبشائر الاقتراب من نهاية الهيمنة الأمريكية المنفردة
وتوقع تقرير المخابرات المركزية الأمريكية، أن تشهد الأعوام الخمس المقبلة تزايدًا فى التوترات بين الدول وتراجعًا فى معدلات النمو، لافتًا إلى أن الصورة العالمية تشهد الاقتراب من عصر انتهاء الهيمنة الأمريكية المنفردة على العالم، والتى بدأت بعد الحرب الباردة، كما قد تشهد نهاية النظام الدولى كما نعرفه منذ الحرب العالمية الثانية.
ورسم التقرير صورة مظلمة لمستقبل العلاقات الدولية، إذ توقع تدخّلاً أكبر من الدول التى تحمل حق النقض "الفيتو"، من أجل إجهاض التعاون الدولى، إلى جانب تدخلات أكبر من جهات ذات تأثير بهدف ضرب التفاهم العالمى حول الأحداث الدولية، محذّرًا من سياسات داخلية للحكومات تعيد طرح دور الدولة فى الاقتصاد والبيئة والمجتمع، متابعًا: "تباين وجهات النظر حول القيم العامة سيزيد الشرخ بين الحكومات على المستوى الدولى، بما يهدد الأمن العالمى، وسعى المسيطرين على الحكم للحصول على موارد أكبر لتلبية أهداف محلية فى ظل تراجع النمو العالمى، سيعنى فعليًّا نهاية الديمقراطية والدخول فى مجالات الفوضى أو التسلط السلطوى".
المخابرات الأمريكية تحذر من تنامى الإرهاب بسبب مواقع التواصل الاجتماعى
ورأى التقرير أيضًا، أن خطر الإرهاب سيزداد ويتوسع خلال العقود المقبلة، مع تزايد استخدام الجماعات الإرهابية لوسائل التواصل الاجتماعى، والتقنيات الحديثة، من أجل نشر أفكارها والتواصل مع عناصرها وتجنيد مزيد منهم، كما جزم بأن سياسات روسيا والصين ستزداد جرأة، فى حين أن القوى الإقليمية التى ترى فى نفسها القدرة على التحرش بجيرانها، ستكون حرة أكثر فى السعى لتحقيق مصالحها.