يعد الاستثمار الصناعى هو قاطرة التنمية، حيث يمثل إحدى الركائز الأساسية للنهوض بواقع المجتمع، وخلق فرص استثمارية جديدة، ولهذا تهتم الدولة بالتوسع فى مجالات الاستثمار الصناعى بهدف دفع عجلة التنمية الاقتصادية المتاحة لتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، وتتميز محافظة أسيوط بتوفر عدد من المقومات والمعطيات التى تمثل أطرا تفاضلية ومناخا جاذبا للاستثمار بها.
وتوجد بمحافظة أسيوط 6 مناطق صناعية وهى منطقة الصفا، ومنطقة عرب العوامر بأبنوب، ومنطقة الزرابى بأبو تيج، ومنطقة دشلوط، ومجمع الصناعات الصغيرة بالغريب بساحل سليم، ومنطقة الكوم الأحمر بمركز البدارى، إلا أن هناك بعض المعوقات التى تسبب فى توقف العمل بتلك المناطق ووجود مئات المشكلات التى تسببت فى إغلاق مصانع وتشريد عمالة، إلا أن ظهور قانون الاستثمار الجديد أعطى بريق أمل للمستثمرين الجدد، خاصة وأنه سيلغى معظم المعوقات التى تعرض لها المستثمرون خلال الفترة السابقة.
قال الدكتور حسين الراوى، صاحب مصنع استخلاص الزيوت الطبيعية والأعشاب، بمنطقة الصفا الصناعية إن هناك مشكلات تعوق المناطق الصناعية بأسيوط بوجه عام، ففى منطقة الصفا الصناعية بأسيوط، أهم المشكلات التى تقابل المستثمرين مشكلة الروتين، مثل التراخيص والأوراق وتحديدا من هيئة الاستثمار وموظفى المحافظة، وحتى يستطيع أى صاحب مصنع الحصول على تراخيص مؤقتة أو مستدامة، سيقضى حياته كلها ما بين مكاتب الحكومة، فعلى سبيل المثال وبالنسبة لى شخصيا حصلت على ترخيص المصنع فى خلال عامين وقتها ترددت على مبنى المحافظة ما لا يقل عن ٢٠٠ مرة، وكانت الإجراءات عبارة عن التنقل من موظف إلى آخر ومن إدارة إلى أخرى وفى النهاية لم ينته الأمر بحصولى على الرخصة المستديمة فاضطررت أن أحصل على الرخصة المؤقتة.
وأشار إلى أن هناك أصعب أهم من الروتين أيضا منها البنية التحتية فى المناطق الصناعية، فمدينة الصفا الصناعية مثلا مدينة صناعية بها مئات المصانع ولا يوجد بأى مصنع صرف صحى، وجميع المصانع التى تعمل معتمدة على سيارات الكسح، التى ترمى بحمولتها فى أماكن قريبة وبالتالى يحدث تلوث وانتشار للحشرات، والزواحف، والروائح الكريهة.
كل ذلك فى الوقت الذى يقوم فيه أصحاب المصانع بالمنطقة بدفع نصف جنيه عن كل متر أرض رسوم نظافة، وذلك على الرغم من أنه لم تدخل المدينة الصناعية سيارة نظافة واحدة، بالإضافة إلى أن المدينة لايوجد بها مياه ويقال إنها بسبب السدة الشتوية، فالمصانع الغذائية تعتمد اعتمادا كليا على المياه سواء فى استخداماتها فى المنتجات، أو فى النظافة ولا توجد مياه نظيفة فى المدينة الصناعية، ومنذ عامين بدأوا فى تطوير المياه وتحويلها من مياه مالحة ووصلوها بمياه مكررة، وانتهى الأمر على أن تكون المياه فى المدينة الصناعية موسمية .
وتساءل: فكيف لمدينة صناعية بها مئات المصانع وتكون فيها المياه موسمية، وكيف للهيئة أن تحدد لى أقرب مأخذ من الترعة فى حين أن النيل على مقربة ٤ كيلو ونستطيع سحب مياه من النيل، مع العلم أيضا أن مدينة الصفا الصناعية تحديدا بها ١٢ بئرا لاستخراج المياه، خاصين بالمدينة الصناعية.
وتابع: مشكلات الطرق أيضا من أهم المشكلات التى تسيطر على المدن الصناعية فمدينة صناعية لها عدة أعوام حتى الآن ليس بها طريق واحد مرصوف أو به أسفلت، وجميع الطرق مهدمة، أضف إلى ذلك مشكلة الكهرباء، فمعظم الشوارع ليس بها إضاءة، ومظلمة ليلا على الرغم من أن هناك عدد من المصانع لا تعمل إلا ليلا أو يستمر عملها لفترتين صباحية ومسائية وظلمة الشوارع الشديدة بهذا الشكل تؤخر سير العمل، وبالتالى تعطل عجلة الإنتاج لأن أغلب العاملات فى المدينة من السيدات والفتيات وبالتالى يحتجن فى معاملة خاصة فى التأمين، وخاصة ونحن بجوارنا مناطق نائية وصحراوية .
وأضاف الراوى: توجهنا بالعديد من الشكاوى وتحدثنا بشكل مباشر إلى المهندس ياسر الدسوقى محافظ أسيوط، حول انهيار المدن الصناعية وعدم وجود إنارة وصرف صحى ومياه، وبالتالى توقف الاستثمار والإنتاج بهذه المصانع، فكيف يمكننا أن نبحث عن مستمثرين جدد ونخلق عمليات جذب للاستثمار فى الوقت الذى تقف فيه عدة معوقات أمام الاستثمار والمصانع التى تحولت إلى سكن للأشباح بمدن أسيوط الصناعية .
بينما قال رأفت توفيق، أحد المستثمرين بمدينة الصفا الصناعية بأسيوط، إن هناك معوقات كبيرة للاستثمار بالمدن الصناعية بأسيوط، فهناك معوقات خارجية ومعوقات داخلية، معوقات خارجية تتمثل فى ثقافة التعامل ما بين المستثمر والجهات الحكومية، ووضع أسلوب روتينى عقيم، فبعض الجهات الحكومية اعتادت على القمع مما يضطر المستثمر أن يكون خائفا، من معظم الجهات منها التموين على سبيل المثال لا الحصر، والضرائب والتأمينات، ومكتب العمل، فقبل أن أطالب المستثمر بواجباته علينا أيضا أن ننظر إلى حقوقه.
وأضاف توفيق الضرائب العقارية أيضا تعد من المعوقات الشديدة التى تقف حائلا بين الاستثمار والمستثمرين، فمثلا هناك نص فى قانون الضريبة العقارية يقول إن الضرائب على المالك، فكيف لى أن أقوم بتسديد ضرائب وأنا لست مالكا، فنحن حاصلون عليها حق انتفاع وليست تمليك، طالبنا بتملكها مقابل دفع الضرائب العقارية إلا أن الأمر كان غير مجدى، فكيف ادفع ضرائب صناعية وتجارية بالإضافة إلى الضرائب العقارية وبأثر رجعى أيضا، فحينما أكون مطالبا بدفع ضريبة أضعها من ضمن حساب التكلفة، ولا يمكن إخطار المستثمرين بالمطالبة بدفع ضريبة دون سابق إنذار.
وطالب توفيق بإعادة النظر فى قانون الإعفاءات الضريبية، فكيف أقوم بعمل مشروع ويتم فرض الضريبة عليه من أول يوم فى الإنتاج، فكم تكون المحصلة من أجل إقرار هذا القانون، ففرض الضريبة من اليوم الأول للإنتاج لم يأت بالمستهدف الذى تم تفعليه من أجله، ولذلك لابد من إعطاء المستثمر فرصة ٥ سنوات حتى تطالبه بضريبة.
أما المشكلات الداخلية، فتتلخص فى المستثمر نفسه بدايتها مستثمر معه قدر معين من المال قرر عمل مشروع دون عمل دراسة جدوى دون وضع خطة، ولا دراسة لظروف السوق الذى يقوم بالإنتاج فيه، أو المنافسة الموجودة بالسوق، وبالتالى بعد عمل المشروع تكون النتيجة الفشل والصدمة من المواجهة، والعجز عن العمل.
وأوضح أن هناك مصانع كثيرة فى الفترة الأخيرة أغلقت بسبب عدم وضع خطة استثمارية، عدم وجود غيرة وطنية، الروتين الحكومى وتعقيداته، عدم ملائمة المدن الصناعية وتجهيزها للغرض الذى أنشئت من أجله، عدم وجود صرف صحى، قانون الضرائب العقيم، الذى فرض قيودا أوقفت عجلة الاستثمار، المطالبة بضريبة فورية من المستثمر فور بدئه فى العمل، المطالبة بضريبة عقارية على الرغم من عدم امتلاك المستثمر للمصانع عدم وجود جذب للمستثمرين الأجانب كدافع كبير للنمو الاقتصادى.
حسين الرواي
رافت توفيق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة