تحتاج حالة الغضب الواسعة، من التسريبات التى أذيعت قبل أيام للدكتور محمد البرادعى، مع الفريق سامى عنان، إلى تأمل، الحالة ليس سببها التعاطف مع البرادعى، ولن تفيد محاولات البعض باستثمار هذه التسريبات أخلاقيًا وسياسيًا لصالح الرجل.
بعد 30 يونيو، بدأت هذه الوسيلة، المفاجآت التى حملتها غطت كثيرًا على مناقشة ما إذا كان مبدأ إذاعة التسريبات على الملأ صحيحًا أم خاطئًا. وهل من الصحيح إذاعتها دون موافقة أطرافها؟ وهل «التجريس» يعد وسيلة أخلاقية فى المواجهات السياسية؟ ولماذا بدلًا من مواجهة الرأى برأى آخر يتم اللجوء إليها؟ وماذا يفيد مثلًا ونحن نقيم مسيرة أى فنان أو أى سياسى أو أى شخصية عامة بأن نواجه ما يقدمه من مساهمات تؤدى إلى التقدم والتطور، بالقول ترويجًا: «أصل أخلاقه مش تمام».
هلل البعض لما أسموه بكشف الحقائق، تحدثوا عن أن «التسريبات» تحافظ على الأمن القومى لأنها تكشف عن هؤلاء الذين يعملون ضده، ونسوا أن تطبيق القانون بأدواته الصحيحة والمشروعة هو أكبر وسائل الحفاظ على الأمن القومى، وأن ما تحتويه هذه التسريبات من معلومات من الطبيعى أن تتعامل معه الأجهزة المعنية وفقًا للقانون بما يحقق المصلحة العامة، ولأن التسريبات لم تجد من يواجهها رسميًا، ولأنها تتعلق بثورة 25 يناير ومن شاركوا فيها، جرى تفسيرها على نحو أن المقصود منها هو تشويه الثورة وترسيخ الاعتقاد بأنها مؤامرة تم تدبيرها.
أعود إلى سؤالى: لماذا قوبلت التسريبات هذه المرة بانتقادات واسعة وغضب يصل إلى حد المطالبة بمحاسبة المسؤولين عنه؟ وأكرر، أن الأمر ليس متعلقًا بشخص البرادعى بدليل أن كثيرًا ممن انتقدوا «التسريب» الأخير يعارضون الرجل على طول الخط، وهذا أحرى بالتوقف أمام السؤال، واعتقادى أنه إذا كانت هذه الوسيلة قد تم استخدامها فى وقت كانت الأسئلة مفتوحة على مصراعيها أمام الجميع مما أضعف مواجهتها شعبيًا، فإن هذه الأسئلة لم تعد بقوتها الآن وكثير منها تم الإجابة عليها، فلم يعد الناس يحتاجون إلى من يثبت لهم أن فلان سيئ، وفلان أسوأ وفلان جيد وفلان أجود، فالواقع على الأرض قدم كل الحقائق الخاصة بهذا الجانب، وعلى هذا الأساس يبدو أن انتقاد التسريب هذه المرة يحتوى على عقلانية كبيرة تطالب بضرورة استعادة التعامل بصحيح القانون والدستور والأخلاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة