مع رفعنا للقبعة للضربات المتتالية التى وجهها رجال الرقابة الإدارية الأكفاء، إلى بؤر الفساد فى شتى ربوع مصر، والتى كان آخرها بالإسكندرية، إلا أن ما يتم الكشف عنه يدعو للدهشة من "كم" الفساد الذى يزكم الأنوف، ويجعلنا نضرب كفًا بكف حزنًا وألمًا على بلد نخر فيه الفساد حتى وصل إلى أعماقه، وأصبح الضمير والشرف عملة نادرة، ليس لهما قيمة فى عرف موظفين ومسئولين فاسدين لا هم لهم سوى السرقة والنهب والرشوة .
يأتى ذلك فى الوقت الذى اعتاد فيه أصحاب الصوت الحنجورى، مهاجمة أى بؤرة ضوء أو من يعملون لخير هذا البلد، والمساهمة فى خروجه من الظروف الصعبة التى يمر بها، فتراهم يحاولون لى الحقائق لتوصيل سمومهم وأفكارهم الخبيثة، ومهاجمة أى نجاح عبر توجيه الانتقاد غير المبرر لأى شخص ناجح أو مؤسسة ناجحة، كالمؤسسة العسكرية، حيث اعتاد هؤلاء ترديد مقولة جوفاء لا تعبر سوى عن ضيق الأفق وهى "تكويش الجيش" على المشروعات، ونسى هؤلاء أن تكليف الجيش بعدد من المشروعات القومية الكبرى، لا يأتى من فراغ، ولكن لتفوق هذه المؤسسة فى تنفيذ المشروعات بحرفية ودقة وبتكلفة أقل، مع الالتزام بالمواعيد المقررة والمواصفات المطلوبة، كما أن توالى سقوط مسئولين وموظفين كبار فى مستنقع الرشوة والمحسوبية والمخالفات، قد يكون من ضمن الأسباب للاعتماد على القوات المسلحة فى إنجاز المشروعات الكبرى لأنها مؤسسة لم تلوث بالرشوة أو المحسوبية، وليس فى قاموسها سوى العمل الوطنى، والإنجاز، وعدم التقاعس، ولذلك ليس هناك أى "ضرر" أو "تكويش" فى إسناد أى عدد من المشروعات لهذه المؤسسة التى دأبت على النجاح المنظم، لأننا فى حاجة لكل عمل مخلص منزه عن الأخطاء والشوائب فى ظل الظروف الصعبة التى نعيشها، كما أن حجم المشروعات التى تم إنجازها بجهود وإمكانيات الجيش وفى وقت قياسى لم تكن لترى النور فى ضعف هذا الوقت لو تم إسنادها لأى شركة أخرى، كما أن إنجاز الجيش لهذه المشروعات وفر على ميزانية الدولة مليارات الجنيهات.
ومنهج هؤلاء الحنجوريين الذين يناضلون على فضاء الإنترنت يعتمد على بث الشائعات والكلام المغلوط، وأيضًا اجتزاء التصريحات من سياقها ووضعها فى مقام آخر يختلف جزئيًا وكليًا عما أريد به، أو تأويل الكلم عن مواضعه وتأويل النص أكثر مما يحتمل وكلنا نعلم أن "الشيطان يكمن فى التأويلات"، فمثلاً حاول البعض تأويل تصريحات الوزيرة سحر نصر فى الحوار الذى أجرته معها صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، والتى أشارت فيه إلى أن تدخل الحكومة فى الاقتصاد وإقامة المشروعات الإنتاجية يأتى بسبب عزوف القطاع الخاص عن الاستثمار فى بعض هذه القطاعات، ولكن قام البعض بتأويل كلام الوزيرة ليزج باسم الجيش بديلاً عن الحكومة لـ"غرض فى نفس يعقوب"، رغم أن كلام الوزيرة لم يكن سوى لتوضيح الصورة والتأكيد على الأسباب القوية التى تدفع إلى الاستعانة أحيانًا بالجيش فى تنفيذ بعض المشروعات لما تمتلكه المؤسسة العسكرية من إمكانيات هائلة والتزام تام بالمواعيد والمواصفات المطلوبة.
كما أن تصوير ما قالته الوزيرة فى حق الجيش وقدرته على إنجاز المشروعات، على أنه رياء ونفاق للمؤسسة العسكرية، لا يمكن وصفه سوى بالتجنى على الوزيرة التى قصدت من كلامها مع الصحيفة البريطانية فقط توضيح الصورة التى تحاول الدولة من خلال وزارة التعاون الدولى تصحيحها أمام العالم عما يجرى فى مصر، والتى تصب طبعًا فى صالح مصر فى كل المحافل الدولية.
كلمة أخيرة.. أتمنى أن يكون لدينا مئات الهيئات كالمؤسسة العسكرية تقدس العمل وتنفذه بكل دقة فى مواعيده ومنزهة عن كل تلاعب أو محسوبية، عندها بالتأكيد ستكون مصر أفضل.