عادل السنهورى

قلق فى ماسبيرو

الإثنين، 16 يناير 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال الأيام الماضية استمعت إلى عدد من الزملاء والأصدقاء، من أبناء الدفعة العاملين الآن فى مبنى الإذاعة والتليفزيون إلى ما يدور من حديث عن هيكلة المبنى وتخطط تطويره بعد موجة الهجوم الذى تعرض لها المبنى، وتعالى أصوات تطالب بالتخلص منه، وتشريد العاملين بداخله، بحجة أنه أصبح عالة على الدولة، وعبئا ماليا على الحكومة، ولم يعد ينتج شيئا أو يحقق عائدا ماديا لموازنة الدولة فى ظل تراكم الديون عليه.
 
الزملاء لديهم حالة من القلق والانزعاج الشديد مما يدور فى الخفاء والعلانية، وما يتردد حول مصير ماسبيرو الذى أصبح فى وجهة نظر أصحاب المصالح، مثل «خيل الحكومة»، يجب التخلص منه على الفور وإطلاق رصاصة الرحمة عليه. حالة القلق لدى الزملاء والأصدقاء مصحوبة بحالة من الارتياب والشكوك فى نوايا الدولة، وموقفها الغامض حتى الآن من ماسبيرو، فهتك قناعة بأن الدولة لم تعد تعتبر التليفزيون المصرى هو الشاشة المناسبة التى ينبغى أن تطل منها على الرأى العام فى مصر، وأصبح مفضل لديها شاشات أخرى لقنوات خاصة تطل منها.
 
القلق يزداد فى الواقع داخل أروقة المبنى التاريخى الذى أنشاه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ليكون صوت مصر والمعبر عن قضاياها القومية وعن توعية وتثقيف الرأى العام. ماسبيرو ليس حسبة «مكسب وخسارة» ولكنه رمز الدولة الوطنية الذى يساندها ويقف إلى جانبها فى أوقات الأزمات، بعيدا عن منطق البورصة والربح والخسارة، لأنه معنى فى المقام الأول بالحفاظ على الأمن القومى بكل ما تعنيه الكلمة بما فيها تماسك المجتمع بمفاهيمه وتقاليده وتراثه ونشر ثقافة السلام والوحدة الوطنية، القلق يتصاعد مع انطلاق قنوات فضائية جديدة والمطالبة بذبح ماسبيرو والتخلص من تركته الثقيلة.
 
لا ينكر أحد أن هناك أخطاء كثيرة داخل ماسبيرو، لكنها أخطاء لا يتحملها العاملون فيه، لأنها تراكمت عبر سنوات من البيروقراطية والقوانين المقيدة لأى تطوير أو إبداع، فالمبنى يضم كثيرا من الكفاءات النادره فى كل التخصصات، وأبناء ماسبيرو هم من صنعوا مفهوم الإعلام فى معظم الدول العربية عندما عملوا فى مناخ ينتج ولا يبعث على اليأس والتبلد، وهم من قامت وتقوم على عواتقهم كل القنوات المصرية الخاصة بجهودهم وخبراتهم وكفاءة تلاميذهم.
 
ليس ذنبهم أن المبنى أصبح طاردا للكفاءات وليس جاذبا لها، فالذنب يقع على من أهمل المبنى وتطويره وتخليصه من القوانين والتشريعات البالية، ومن تعيين آلاف الأقارب والمحاسيب، وترقية من ليسوا أهل فاءة وخبرة فى المناصب العليا.
 
هناك أخطاء نعم.. لكن الحل ليس فى التدمير والذبح إنما فى البحث عن حلول للاستفادة من رمز إعلامى وطنى، وليس مبنى اسمه ماسبيرو.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة