أحمد إبراهيم الشريف

الأحلام تموت نائمة فى دولة قرغيزستان

الثلاثاء، 17 يناير 2017 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم تكرار الكوارث والمصائب، إلا أن الإنسان يظل عاجزا عن الفهم، وفى كل يوم يحدث أمر ينزعج له كأنها المرة الأولى التى يرى فيها هذه الفعلة، وربما يرجع ذلك لأنه فى كل مرة تكون التفاصيل مختلفة، هذه المرة حدث أن 15 بيتا فى دولة قرغيزستان فى آسيا لم يستيقظ أصحابها من نومهم أبدا.  
 
هذه البيوت الحزينة سقطت فوقها طائرة شحن تركية قادمة من الصين، قضت على جميع سكان البيوت الـ15، حيث كان 32 شخصاً على الأقل بينهم 6 أطفال نائمين عندما سقطت فوقهم الطائرة الكارثة.
 
دعونا نتخيلهم، بالطبع أعمارهم متراوحة، فيهم أطفال ناموا يحتضنون ألعابهم، ويتخيلون الغد الممتلئ بالبهجة، وشباب يحلمون بالتحقق والبحث عن الذات، ونساء يدبرن بيوتهن بما يستطعن من حكمة وقبل نومهن قصصن على أطفالهن الحكايات السحرية الكافية لصنع ابتسامة على الوجوه المستسلمة للنعاس ، كما أن البيوت كان يسكنها رجال لا ينشغلون إلا بلقمة العيش ومستقبل أبنائهم فهما الهاجس الأكبر الذي يؤرقهم، أما البنت التى تسكن فى البيت قبل الأخير فتعرف جيدا أن حلمها بالحب سوف يتحقق حتما، الجميع فى بيوتهم، لم يفكروا أبدا أن طائرة بائسة سوف تمر فوق بيوتهم الفقيرة وتسقط محدثا دويا هائلا كان كافيا للقضاء على 32 حلما.
 
هؤلاء لم يخوضوا حربا ولم يرتكبوا إثما، ولم يعرفوا أبدا نوع الطائرات التى تمر فى سمائهم، ربما مرت هذه الطائرة من قبل وتأملها طفل، ورأى فيها شيئا غريبا، لكنه أبدا لم يتخيل أنها ستقتله ذات يوم، كما لا أظن أن الطائرة كانت تتعمد أن تسقط فوقهم، وربما حدث  ذلك نتيجة لسوء الأحوال الجوية، كما قالت التقارير الأولى، لكن بغض النظر عن السبب فإن الأمر قد انتهى بخسارة بشرية تدعو للتأمل.
 
كانت لهؤلاء الناس أفكارهم الحاضرة وأحلامهم المستقبلية، والتى تبخرت وصعدت مع أرواحهم إلى ربهم، فعلى حين غفلة منهم، ومن الجميع، فاجأهم الموت، تاركا لنا نوعا من الخوف والقلق على أنفسنا، تسير ونحن لا نعرف من أين تأتى الضربة، وكما يقول شاعر العربية الكبير المتنبى «تعددت الأسباب والموت واحد».
 
ربما الغريب فى هذا الأمر أنه لو ثبت أن الطقس أو خطأ فنى فى الطائرة كان هو السبب فإن لا أحد ستتم محاسبته عن هذه الكارثة، بينما تظل أشباح الـ32 إنسانا الذين قضوا نحبهم فجأة تتطلع إلينا من عليائها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة