كنت من أوائل المعارضين لهذا البرادعى وقد كتبت عشرات المقالات أوضح فيها دوره المشبوه
قيام الأنظمة بالمتابعة والتسجيلات، عرف معمول به فى أى مكان، تحت بند الحفاظ على سلامة الدول، وحماية الأمن القومى من المخاطر، وكشفًا للعمليات التجسسية. وإن كان المبدأ دائمًا ما يتم التعامل معه بتصرفات شخصية أو جماعية لتصفية حسابات سياسية والأمثلة كثيرة ومتعددة، مثل قيام المخابرات الأمريكية بالتسجيل لميركل فى ألمانيا، وتسريبات ويكيليكس التى شملت الجميع، التسجيلات التى تم كشفها للسادات والتى كان يقوم بها المختلفون مع سياساته حينئذٍ. مع العلم أن هذه التسجيلات متعددة الأساليب «إذاعيًا أو تليفزيونيًا»، ليس بالضرورة أن تتم عن الطريق القانونى.
فى سبعينيات القرن الماضى، حكى لنا الأستاذ خالد محيى الدين، رئيس حزب التجمع، أن أحد أصدقائه كشف له أن هناك ميكروفونات مزروعة فى أنحاء منزله عدا المطبخ. وفى الثمانينيات وبعد المعركة بين زكى بدر وزير الداخلية، وبين الشيخ صلاح أبو إسماعيل فى مجلس الشعب، وفى زيارة لزكى بدر بمكتبه، وأثناء حديثنا عن تلك المعركة أخرج زكى بدر من درج مكتبه مظاريف فتح أحدها وإذ بى أشاهد صورًا فوتوغرافية لأبو إسماعيل فى أوضاع غير لائقة.
وهنا لابد أن نفرق بين تسجيلات تستهدف سلامة الوطن وأمنه القومى، وأخرى للتشهير بالبشر ولتصفية الحسابات الشخصية، مثلما يقوم المحامى وعضو البرلمان الذى يملأ الفضاء تشهيرًا بالمختلفين معه. وعلى ذلك وجدنا تسريبات مذاعة تخص البرادعى أثناء أحداث 25 يناير. ومن الواضح أن هذه التسجيلات تمت عبر طرق معروفة للجميع. والسؤال هنا، إذا كانت تلك التسجيلات تمت لصالح الأمن القومى، وبالطريق القانونى، وإذا كانت تحتوى على ما يشين البرادعى، وما يمثل تهديدًا للوطن، فلماذا لم تتم محاسبة البرادعى، وكل من تم التسجيل له ومحاكمتهم؟ ومن المسؤول عن تلك المحاسبة؟ وكيف كانت هذه المكالمات موجودة ومسجلة ويتم اختياره نائبًا لرئيس الجمهورية بعد 30 يونيه؟ ولماذا لم تعلن هذه التسجيلات بعد تنحيه عن المسؤولية الوطنية فى أدق الأوقات حرجًا للوطن؟ وبنفس القياس كيف يحاكم مرسى على الهروب من السجن حسب المكالمة المذاعة على قناة الجزيرة والتى كانت دليل الإدانة فى الوقت الذى تم الموافقة له على الترشح كرئيس للجمهورية؟
لقد كنا من أوائل المعارضين وغير المقتنعين بهذا البرادعى. وقد كتبت عشرات المقالات، منذ وصلة، فى 2010 فى جريدة روز اليوسف، وفى مجلة المصور، أوضح فيها ذلك الدور المشبوه لهذا البرادعى منذ البداية، إضافة إلى برنامج مانشيت فى أون تى فى الذى تحدثت فيه عن كيفية صناعة فرعون البرادعى الكاذبة، حيث إن البرادعى لا يملك أى إمكانات سياسية أو شخصية ولا علاقة له بالسياسة ولا الأحزاب والأهم ولا الجماهير. كما أن حزبه الذى أسسه قد ذهب أدراج الريح مثل دوره المرسوم له، كما أن إذاعة تلك التسجيلات للبرادعى تعطيه ما ليس له، قد فقد الادعاء بلعب أى دور سياسى، كما أنه لا يملك غير تويتاته التى يرفه بها عن نفسه. هنا من المسؤول عن عدم تقديم كل من أساء للوطن بصورة أو بأخرى للمحاكمة؟ وهل مواجهة مثل هذا البرادعى بادعاءاته تتم بهذه الطريقة التى تظهره بأنه لازال قوة مهددة؟ وهل نظام يونيو ومن معه من الجماهير والنخبة لا يملكون مواجهة هؤلاء ومواجهة من وراءهم؟
الوطن فوق الجميع، ولا كبير على الحساب، ولا المحاسبة، والمقصر مثل المتهم، كلاهما يجب محاسبته حتى يعلم الجميع أن السياسة والعمل العام، تضحية وبذل وعطاء ومواقف عندما تكون المواقف هى السبيل للحكم على الأشخاص. حمى الله مصر وشعبها العظيم.