كريم عبد السلام

إعادة الاعتبار للزراعة والمزارعين

الأربعاء، 18 يناير 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جزء أصيل من تشبث المصريين بأراضيهم عبر التاريخ أنهم زارعوها، يختبرون تحولاتها مع النيل عبر فصول السنة، ويراكمون الخبرة والمعرفة بما تمنحهم من أسرار على مر الأيام، ولا شىء أضر بالمصريين خلال العقود الماضية أكثر من إضعاف العلاقة بينهم وبين أرضهم الزراعية.
 
انتزاع الفلاح من أرضه، ودفعه للهجرة للخارج، بحثًا عن مصدر آخر للرزق بامتهان أى مهنة، أدى إلى تمزق الروابط بين الفلاح وأرضه، وكذا العائلات التى تعيش فى المدينة، ومسقط رأسها فى الريف، بعد أن كانت تعتمد عليه فى تدبير احتياجاتها الأساسية من المواد الغذائية، حتى وصل بنا الهوان إلى نزوع بعض المزارعين إلى تجريف أراضيهم الزراعية، وبيعها لمصانع الطوب أو تبويرها بغرض البناء عليها، أو تحويلها لملاعب للكرة تؤجر بالساعة لتحقق ربحًا أكثر من الزراعة.
 
والنتيجة من كل هذه الممارسات المنحطة، أننا فقدنا صفتنا كشعب مزارع أولًا، يستطيع الاكتفاء ذاتيًا بما يزرع، ولديه محاصيل للتصدير يتميز بها، وأصبح الفلاحون يعتمدون فى غذائهم وكسائهم ومعيشتهم على ما تقدمه الحكومة من خبز سوقى ولحوم ومنتجات غذائية مستوردة ومدعمة لا تقارن فى جودتها بما كانت الأجيال السابقة تنتجه فى قرانا من أقصاها إلى أقصاها.
 
كيف إذن نستعيد تلك الروح الإنتاجية فى الريف وحتى فى المدن من خلال إطلاق مشروع قومى للزراعة الصغيرة، ومشاريع الإنتاج الداجنى والحيوانى المحدودة؟، كيف يمكن أن نضع الشباب العاطل على بداية الطريق برأس مال بسيط فى البداية على أمل أن يعمل وينتج ويتحول من عبء إلى قيمة مضافة فى المجتمع؟
 
نحتاج إلى مؤتمرات ومعارض مكثفة ونوعية ومتكررة فى مجال الزراعة الحديثة، والإنتاج الداجنى والحيوانى المكثف، فالبرامج الجديدة فى الزراعة مثلًا تتحقق فى مساحات ضيقة جدًا من الأراضى، وأحيانًا بدون تربة مثل زراعات الأسطح، كما أن المشروعات الصغيرة الحديثة للإنتاج الداجنى والحيوانى لا تحتاج أكثر من غرفة جيدة التهوية أو سطح منزل، وتبقى بعد ذلك مسألة التسويق سواء بالبيع المباشر أو من خلال شركات تعطى مواد الإنتاج وتشترى المنتج.
 
تخيلوا ماذا سيكون عليه حالنا لو توجه عشرة ملايين شاب وفتاة إلى مثل هذه المشروعات الإنتاجية الصغيرة التى لا تحتاج فى معظمها إلا إلى رأسمال صغير، لا يتجاوز الخمسة آلاف جنيه، وماذا لو اتجه الطلاب وصغار العاملين إلى الزراعة والإنتاج بدلًا من شراء «توك توك»، أو السقوط فى المخدرات، أو فى براثن الجماعات المتطرفة، أو الهجرة غير الشرعية، أو حتى الشكوى من البطالة وكفى.. نحتاج إلى تغليب ثقافة العمل والإنتاج، والترويج لها بجميع الوسائط الإعلامية، باعتبارها الملاذ لنا فى المستقبل.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة