لا يخلو العالم من مؤشراته الإيجابية، التى ترفع الروح المعنوية لدى الجميع، وتكشف عن نور الطريق لمن أراد أن يبصر، وها هى جائزة «كتارا» التى نشأت سنة 2014 تواصل إبهارنا من الناحية العددية، فقد تقدم لها فى دورتها الثالثة 1144 عملاً، شملت فئات الرواية المنشورة، والرواية غير المنشورة، والدراسات غير المنشورة، وأضيفت فى الدورة الثالثة فئة روايات الفتيان غير المنشورة.
فى كل دورة يرتفع العدد عن السابق، حتى أن عدد الروايات المنشورة المشاركة فى الدورة الثالثة بلغ 472 رواية، نشرت فى عام 2016، بزيادة تصل إلى ضعف المشاركة فى مثيلتيها فى الدورة الثانية، التى بلغت 234 رواية، والدورة الأولى، التى بلغت 236 رواية».
طبعًا نتذكر فى الدورة الماضة عندما أعلنت الجائزة عن عدد المشاركات بها، والتى بلغت 1004 أعمال، وحينها كتبت مقالة أوضحت فيها إعجابى بالعدد، وقلت: العلاقة بين الإبداع والتحفيز علاقة أساسية ومطلوبة، وتساعد على زيادة الإنتاج وكثرة المشاركين، لكن بالطبع ليست لها علاقة بالجودة، فالأخيرة لها مقاييس أخرى متعددة منها الموهبة والتفرد، لكن أحيانًا فى حكمنا الأولى على الأشياء نتوقف عند قيمه الكثرة.. ومن ناحية أخرى يكشف هذا الأمر الرغبة العربية فى الإبداع، شريطة أن يكون هناك محفز قوى، وهو أمر إنسانى محض، يمكن الاستفادة منه على المستوى المحلى وفى دوائر العمل الضيقة، وحتى فى الحياة الأسرية، وبعدها سنتجاوز إبداع الأعداد، وندخل فى دائرة إبداع الجودة.
وهذه المرة أتنبه إلى شىء جديد، هو أن هذا العدد الكبير من الأعمال السردية العربية المشاركة فى الجائزة، لا يعنى أنه يشمل كل ما أصدرته المطابع فى فن الرواية خلال عام 2016، أو المخطوطات التى كتبها أصحابها، بل يعنى ما ذهب إلى الجائزة فقط، وأعتقد أن آلاف الروايات صدرت فى هذه الفترة، وذلك مؤشر طيب يدل على أنه ذات يوم سوف ينصلح حال العالم العربى.
وحتى لا يسأل أحد عن العلاقة بين عدد الروايات وتحسن حال العالم العربى، أقول له: إن الروايات فى مجملها السردى هى نوع من الخيال بدرجة من الدرجات، لأنه لا توجد كتابات واقعية بالشكل الحرفى أبدًا، فأى عمل إبداعى حتى ولو سيرة ذاتية أو حكايات واقعية، بالتأكيد دخله الخيال بدرجة أو بأخرى، هذا الخيال الذى أثر على عقل المؤلف فى مرحلة الكتابة، حتمًا سيترك أثره الكبير على القارئ، وفى النهاية سوف تصبح لدينا درجة لا بأس بها من الخيال، لو عرفنا كيفية استخدامها فسوف نكون قادرين على حل الكثير من مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.