- خطورة مؤتمرى المكتبة أنهما ركزا على موضوع وقضية واحدة تعانى منها كل دول العالم
فى أسبوع واحد نظمت مكتبة الإسكندرية مؤتمرين فى غاية الأهمية، الأول تحت عنوان «الأمن الديمقراطى فى زمن العنف والتطرف»، حضره أكثر من 15 رئيس دولة سابقا وحاليا وخبراء من كل دول العالم، وبعدها بيومين نظمت المكتبة مؤتمر «العالم ينتفض: متحدون فى مواجهة التطرف»، بمشاركة أكثر من 300 باحث ومفكر وخبير دولى متخصصين فى قضايا التطرف، خطورة المؤتمرين أنهما ركزا على موضوع وقضية واحدة وهى التطرف والعنف، وهى القضية التى تعانى منها كل دول العالم اليوم، ومن بينها بطبيعة الحال مصر التى تواجه إرهابا مدعوما من جهات إقليمية ودولية، ورغم أن مصر سبق وطرحت مقاربة دولية لمواجهة ومكافحة الإرهاب والتطرف فإن الاستجابة الدولية للطرح المصرى لم تكن بالشكل المناسب لحجم الخطر، ظنا من الدول الكبرى والمجتمع الدولى أن الإرهاب والتطرف هو شأن مصرى داخلى ولا علاقة له بالعالم، إلى أن فوجئت هذه الدول بالإرهاب يطرق أبوابها ويقتل أبناءهم ويكسر حواجزهم الأمنية، فاستفاقت هذه الدول من سباتها وبدأت تدرك خطورة الموقف وضرورة أن يكون هناك تحرك دولى واضح لمواجهة الإرهاب والتطرف.
استفاق العالم بالفعل، لكن ليس بالدرجة التى تتناسب مع حجم الخطر، فهناك تقاعس من بعض الدول عن مواجهة العناصر المؤسسة للإرهاب والتطرف والمعروفة سلفا للجميع وعلى رأسها حل القضية الفلسطينية التى تعد من أهم أسباب لجوء البعض للعنف ضد الحكومات والمجتمعات لشعورهم بافتقاد العالم لروح العدالة، ويضاف إلى ذلك أيضا ما صنعته الدول الكبرى من أزمات ومشاكل فى العراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان وغيرها من الدول التى تحولت إلى مأوى لأصحاب الفكر الإرهابى والمتطرف فى العالم كله، وللأسف الشديد تم ذلك تحت نظر وعين دول تحاول أن تضع نفسها الآن فى صدارة مشهد المجابهين للإرهاب، وكذلك بدعم من هذه الدول.
نعود إلى مؤتمرى مكتبة الإسكندرية فهما يمثلان نقطة انطلاق مهمة خاصة أنهما عقدا على أرض مصر التى لم تمل من تكرار ندائها للعالم بإيجاد مقاربة دولية لمواجهة الإرهاب والتطرف، وكذلك يتزامن المؤتمران مع تغيرات فى القيادة العالمية، وأقصد هنا تحديدا الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب التى ستتسلم مهامها رسميا 20 يناير الجارى، فقد أخذت هذه الإدارة على عاتقها عكس إدارة أوباما، بأن تواجه الإرهاب من جذوره، وقد بدأت خطواتها الفعلية بمشروع قانون لإدراج جماعة الإخوان ضمن الكيانات الإرهابية، وهو تحرك سليم يشير إلى فهم عميق من جانب إدارة ترامب لجذور الأزمة، فالإخوان ومؤسساتهم المالية فى الولايات المتحدة وغيرها من الدول تعد الرافد الأساسى لدعم الإرهاب والتطرف فى العالم كله، وهذه الخطوة من جانب إدارة ترامب ستضع الجهد الدولى على الطريق الصحيح.
كلنا ندرك أن إدارة أوباما سارت فى وهم اسمه مكافحة الإرهاب حينما وضعت أهدافًا حربية ليس لها علاقة بالإرهاب لتحقيق مصالح شخصية، وكذلك لرفضها وضع تعريف موحد فى العالم لماهية الإرهاب، وغيرها من الأخطاء التى ستحاول إدارة ترامب تصحيحها، لذلك فإن مؤتمرى مكتبة الإسكندرية يعدان خطوة مهمة فى هذا الاتجاه، وأعتقد أن إدارة المكتبة مطالبة بأن تضع حصاد النقاش والتوصيات فى كتيب واحد وتترجمه لعدة لغات ترسله لكل دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية، حتى يكون الجميع على دراية بخطورة المستقبل إذا لم يتكاتف الجميع لمواجهة آفة الإرهاب ومن يمولها.