ربما تتكفل الأيام بتغيير كثير من التصورات والمفاهيم الشائعة، التى تجد مساحة من الحضور والتردد والتكرار فى نطاقات واسعة، لمجرد أنها كانت الأيسر أو الأقرب للذهن، أو لعلّ هذا منطق الأيام الدائم الذى لا تتخلى عنه، وهو ما تعمّقه الممارسة العملية الآن، داخل سوريا وخارجها، فيما يخص الاتفاق على توصيف الأزمة التى تشهدها دمشق منذ مارس 2011، وبعد ما يقرب من 6 سنوات، انفتح القوس فى أولها على تعاطٍ إعلامى، إقليمى ودولى، مع اندلاع الصراع وتطوره، باعتباره ثورة شعبية تتشكل من رحم التعقيدات السياسية والاجتماعية، لتنهى عقودًا من سيطرة حزب البعث السورى على السلطة، وإنهاء وجود أسرة الأسد العلوية فى سدة الحكم، التى سيطرت على مقاليد الإدارة السياسية للدولة السنية زهاء أربعة عقود، هكذا وفق تصور مذهبى سطحى، وبعد هذه السنوات وما حملته من أخبار وأحداث وفواجع وتبدلات، لم يعد الحديث قائمًا بالقوة والجدارة نفسيهما عن ثورة شعبية سورية، كثيرون من السوريين أنفسهم، ممن خرجوا إلى دول مجاورة، أو قطعوا السهل والماء وصولاً لأوروبا وأمريكا، تبدّلت رؤيتهم لحقيقة الراهن السورى، ووفّر لهم البعد وانفتاح مجال الرؤية فرصة لتقديم قراءات وتفسيرات مغايرة لما آمنوا به ودعموه وروجوا له من قبل، هذه حقيقة الأرض الآن فى سوريا، وحقيقة الأيام، التى تبدّلت على الأسد، ولن تكف عن التبدل على غيره، فى صنعاء أو طرابلس أو "أنقرة".
الأزمة السورية.. الراديكالية الدينية تمتطى "الغضب الشعبى"
إن حاولنا الاقتراب من الأزمة السورية اقترابًا منطقيًّا، فلا بدّ من الإقرار بداءة بأن ما شهدته مدينة درعا السورية فى الخامس عشر من مارس 2011، كان شرارة أولى لإشعال مدفأة، أو محرقة، الغضب الشعبى السورى، لا فارق فى تصورى، المهم الاتفاق على شعبوية التحرك وغايته الإصلاحية بالأساس، وأن التعامل الأمنى غير المحسوب مع فورة الغضب الشعبى مهّد الطريق لالتحاق آخرين بالحراك الذى بدأ دافئًا ثم اشتعل، بدأ هادئًا قبل أن يفور ويمور بالتحولات والفعاليات، ظل الأمر هكذا أسابيع عديدة، قبل أن تتحرك جماعة الإخوان المسلمين "الفرع السورى" لامتطاء صهوة الغضب الشعبى، وبينما وفر لها هيكلها الدولى توفير تمويل وعتاد وحملة سلاح، كانت هذه فى تصورى الخطوة الأولى للتحول بالصراع من ساحة الفعل الشعبى/ الثورى، إلى ساحة الحرب الأهلية والصراع الدولى على الهوية السورية، ربما استفاد بشار الأسد من هذه الثغرة التى وفرتها جماعة الإخوان فى البداية، ووسّع مداها تنظيم القاعدة من مركزه البعيد فى أفغانستان، وتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق، الذى تأسس فى 2004، وظل يعمل قرابة 10 سنوات فى الداخل العراقى، حتى وجد فى الثورة السورية وتراجع سطوة الأجهزة الأمنية الدولية فرصة لاكتساب أرض وتوسيع مناطق نفوذه ومدى عمله، وكنا كانت الجريمة الأكبر فى حق الدولة السورية والهوية الوطنية الجامعة، التى تقبل الشجار الداخلى وتحتمله، ولكنها قد لا تقبل ولا تحتمل أن تكون ساحة قتال تتداعى عليها ذئاب العالم، ومن هذه النقطة حقق بشار الأسد مكسبه الأول، الذى لم يكن استكمال تحرير حلب فى أواخر 2016، ولكنه فى الحقيقة تمثل فى تدخل فيالق المتطرفين والقوى الراديكالية لامتطاء موجة الغضب الشعبى، التى كان يمكن احتواؤها، أو يمكنها هى نفسه إحداث تغيير حقيقى فى بنية الدولة السورية، لولا شراء بيادق وأفيال وعساكر من خارج نسيج رقعة الشطرنج السورية، ليكون أبطالاً فى مشهد صنعه السوريون، ثمّ طُردوا منه.
دخول أطراف خارجية من عناصر التنظيم الدولى للإخوان، أو من تنظيم القاعدة ومتطوعيه حول العالم، ومن تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق، الذى توسع فى وقت لاحق وأصبح الدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش" وفرض سيطرته على مدينة "الرقة" السورية لتكون عاصمته ونواة دولته، لم يكن حضورًا شخصيًّا لأفراد بإيمانهم الخاص وسلاحهم ورصاصهم، الحقيقة أن هؤلاء الأفراد كانوا جسورًا عبرت عليها دول وحكومات، والمنطق السياسى البراجماتى يقبل هذا الأمر، إذ لا يمكن فى حلبة صراع مشتعلة ومزدحمة بلاعبين من اتجاهات ومشارب شتّى، أن يقف كبار المتفرجين والمراهنين بمعزل عن اكتشاف قوانين اللعبة ومحاولة تحريكها، خاصة أن الحلبة السورية ملعب مهم فى المنطقة باعتبارات جيوسياسية واستراتيجية واقتصادية وعسكرية أيضًا، فبالموقع الوسيط بين إيران وتركيا والعراق، وبالساحل الممتد على البحر المتوسط، وخريطة التصنيع والتنمية الناشئة والمتصاعدة بمعدلات ثابتة، وبالحضور الفاعل، أو بالأحرى الأكثر فاعلية، فى الملف اللبنانى، رغم خروج سوريا من لبنان عقب اغتيال رئيس وزرائه السابق رفيق الحريرى فى فبراير 2005، إضافة إلى قوة الجيش السورى وتماسكه، وكونه الوحيد الباقى خلف الجيش المصرى، بعد تفكيك الجيش العراقى وتدجينه، إلى جانب علاقات عسكرية قوية وحضور مباشر لموسكو فى الشأن السورى، إما بالقواعد أو التدريب المشترك أو التسليح، كلها عناصر تضع سوريا فى صدارة دول المشرق العربى وفى طليعة الملفات المهمة أمنيا واستراتيجيا لدول المنطقة، وللقوى العالمية الكبرى التى لا تترك لعبة فى ساحة العالم دون مشاركة فيها، أو فى التصور البسيط، فإن التطورات التى شهدتها الأزمة السورية كانت تفترض منذ بدايتها تركيز موسكو على الصراع، وتقديم الدعم، أو حتى المشاركة المباشرة، من أجل الإبقاء على الحليف المهم قويًّا ومتماسكًا، وضمان عدم تمكين التيارات المتطرفة من تدعيم حضورها ونفوذها وسيطرتها على أراضٍ ومحاور استراتيجية مهمة فى سوريا، وهو ما يستتبع التفاتة قوية من الولايات المتحدة الأمريكية، والتى إن حضرت بمفردها، فإن تابعها الأمين فى حلف الناتو ودول الاتحاد الأوروبى لن يتوانى عن اللحاق بها، هذا إذا تجاوزنا المصالح البريطانية والفرنسية فى المنطقة، وتاريخ فرنسا تحديدًا فى لبنان وسوريا.
مع اتساع رقعة اللعب وتعدد اللاعبين، كان من الطبيعى أن تبدأ القوى الوسيطة والصغيرة فى البحث عن موطئ قدم هى الأخرى، والحقيقة أن هناك قوى وسيطة وصغيرة كانت حاضرة فى المشهد منذ لحظته الأولى، أبرزها إيران التى نجحت خلال سنوات سابقة فى تدشين علاقة قوية وإيجابية مع نظام بشار الأسد، صانعة محورًا حيويًّا بين طهران ودمشق وحزب الله اللبنانى، وربما كانت تركيا من القوى الوسيطة التى حضرت فى المشهد من بدايته، أو لعلّها تأخرت قليلاً، ولكنها كانت واحدًا من أهم اللاعبين الذين نزلوا إلى الخريطة السورية، ليست أهمية الفعل الحقيقى والجاد فى المشهد، قدر ما هى أهمية الاضطلاع بمهمة تربيط الخيوط المتقطعة لخصوم سوريا، وتأليف المتنافرين، ولعب دور عرّاب التنظيمات الإرهابية، بما أطال من أمد الصراع، وزاد من كُلفته لسوريا، ونظرًا لحجم ما أحدثه التلاعب التركى فى الملف السورى، ربما كان المدخل الأهم لتفكيك الأزمة وإعادتها لنصابها لا يمر إلا عبر بوابة الأغا العثمانلى والحالم باستعادة الخلافة رجب طيب أردوغان.
أردوغان.. 5 سنوات من عداء سوريا وشهور من الاكتواء بالإرهاب
منذ دخول تركيا لملعب الأزمة السورية، كانت انحيازاتها واضحة، رغم نفى علاقتها بالأزمة، فالتوتر بين أنقرة ودمشق، أو بالأحرى بين أردوغان وبشار الأسد، لم يكن جديدًا أو طارئًا أو يحتاج لتسبيب وبحث، الملف بعيد فى الزمن، والأوضاع السياسية المتوترة ومتعددة الأطراف مثّلت فرصة سانحة لنظام "أردوغان" للدخول والقصاص من الأسد، وتفكيك الدولة السورية، ربما فى إطار تصور تركى لإعادة هيكلة المنطقة وحلحلة أزمة الأكراد، فى المثلث السورى التركى الإيرانى، والتصور الأقرب للمنطقية أن تركيا ربما سعت لاستقطاع مساحة من سوريا، لضمها إلى إقليم أربيل العراقى، وإعلان دولة كردية فى المنطقة يلتحق بها حزب العمال الكردستانى، فى إطار تفكيك القضية الكردية التى تمثل صداعًا مزمنًا فى رأس "أنقرة"، بما يضمن لها الحفاظ على أرضها والتخلص من جرحها المفتوح، ولم تكن لدى أردوغان وسيلة لتحقيق هذا الهدف إلا اللعب بورقة التنظيمات الدينية والتيارات المتطرفة، خاصة أنه يسوّق دائمًا لفكرة أنه المعادل المدنى للحضور السياسى الإسلامى، ومع ثورة 30 يونيو فى مصر واستعادة الشعب المصرى لهويته من مخالب جماعة الإخوان الإرهابية، استمرأ أردوغان اللعبة، ففتح بابه لعناصر الإخوان، وشيئًا فشيئًا أصبحت خيمة الضيوف التركية مزدحمة بالإخوان والداعشيين وعناصر جبهة النصرة وأحرار الشام وغيرهم من التنظيمات والجماعات، التى وفرت لها تركيا مأوى ومنصة للتدريب والتسليح والتمويل والانطلاق.
الأمر بدأ رحلة حادة ولاهثة نحو التصاعد بدءا من النصف الثانى من 2013، بعد سقوط الإخوان فى مصر، وإحكام سيطرة التيارات الإرهابية على كثير من مناطق سوريا ومحاورها، ومثّلت حلب المفتاح الأبرز فى خريطة المناورة الإرهابية للنظام والدولة السورية، وفى آلية إدارة أدوغان للمشهد وتدخله فى الصراع، وقد كشفت وثائق مسربة وتصريحات ومؤشرات وأخبار ومعلومات استخباراتية، عن تورط نظام "أردوغان" فى التواصل والدعم المباشرين من كل الأطراف المتطرفة اللاعبة فى سوريا، بل ونشرت مواقع إخبارية خطابًا موقعًا من رئيس إحدى البلديات، التابع لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، يوصى الإدارات المحلية والتنفيذية بدعم عناصر التنظيمات المتطرفة العاملة فى سوريا، وتسكينها وتقديم كل الدعم اللازم لها.
التطور الذى ربما لم يحسب أردوغان حسابه، يخص البنية التوسعية للأفكار المتطرفة، التى تعمل وفق رؤية براجماتية وتكتيكات مرحلية، وأنها قد يأتى اليوم الذى تستنفد فيه غرضها من النظام التركى وتتطلع إلى كسب أرض من تحت قدميه، وهو ما جاء العام 2016 ليحمل بشاراته، فخلال عام واحد شهدت تركيا أكثر من 30 هجومًا وتفجيرًا وحادثًا إرهابيا، سقط زهاء 400 قتيل ومئات الجرحى، سقط السفير الروسى فى أنقرة، أندريه كارلوف، وسقط 39 ضحية فى ليلة رأس السنة بأكبر مدن تركيا وأهمها "إسطنبول"، بينما على الجانب الآخر، نجح بشار الأسد فى استعادة حلب من قبضة التيارات الإرهابية، وتتحرك قواته بخطوات محسوبة فى إطار تحرير إدلب وباقى المحاور الاستراتيجية الخاضعة لسيطرة الإرهابيين، تقف روسيا على طرف المشهد لتوازن الصورة أمام الغطرسة الأمريكية والانتهازية التركية، ما أجبر "أردوغان" على الإذعان للتوصيات الروسية السورية للتعاطى مع الملف، والإقرار بخطة زمنية للحل أقرها فلاديمير بوتين وبشار الأسد، وهو ما مثّل هزيمة مباشرة لأردوغان فى سوريا، إلى جانب هزائمه المتكررة فى الداخل التركى، إما عبر تمدّد سطوة الإرهاب وتوحشها وتجاوزها للقدرة الأمنية القوية، التى سيطرت على تمرد الجيش فى يوليو الماضى، ولكنها تقف عاجزة فى السيطرة على حلفاء الرئيس التركى الذين انقلبوا على خططه وتفاهماته وبراجماتيته وخضوعه للرؤية الروسية، بينما يتورط عنصر من أفراد هذه الشرطة نفسها فى قتل السفير التركى، ما يكشف مدى التداخل والتشابك والتفاف أغصان الأزمة وفروعها لتصنع درعًا مغلقة تحجب الرؤية وتعمى عين أردوغان.
تركيا تتراجع عن عنجهيتها.. هل يعلن بشار انتصاره من أنقرة؟
وسط كل المكاسب التى يحرزها الجيش الوطنى السورى فى مواجهة التنظيمات الإرهابية وشتات المتطرفين الوافدين من أصقاع العالم وأطرافه، ومع تغير اللهجة الأمريكية وصعود اليمين الجمهورى لعرش البيت الأبيض، وحديث الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عن ضرورة القضاء على تنظيم "داعش" والمتطرفين الإسلاميين فى سوريا، وأخذ روسيا بزمام المبادرة لإنهاء الزمة بعد شهور طويلة من الصمت والمراقبة الحثيثة والدعم الخفى، تتعدد هزائم أردوغان الواسعة والمتلاحقة داخليا وخارجيا، فى مصر بانتهاء وجود حلفائه وتجاوز الدولة المصرية لأزمة وجودهم وما أثاروه من توتر اقتصادى وأمنى، فى أوروبا التى ترفض إلى الآن انضمام تركيا ولا يتوقف تقريعها لـ"أردوغان" وسياساته، فى سوريا التى خاب رهانه عليها وفشلت خططه معها، فى القضية الكردية التى لم ينجح فى تلطيخها بسوء السمعة، أو إنهاكها بمواصلة الاستهداف وتكرار الجرائم بحق العرق الكردى، وعلى صعيد الجبهة السياسية الداخلية التى تشهد معارضة متصاعدة ونقدًا واسعًا ومتزايدًا، بعد شهور قليلة من محاولة عسكرية للإطاحة به، ما اضطره إلى إغلاق عشرات المواقع الإخبارية والصحف، وحبس عشرات الصحفيين والكتاب وأصحاب الرأى، بينما تحضر حركة "الخدمة" التى يتزعمها السياسى المقيم بالخارج فتح الله جولن، حضورًا اقتصاديا وثقافيا متجذّرًا فى الواقع التركى، بمئات المدارس والجامعات والمؤسسات الصحية والشركات، وملايين الموالين والعاملين المباشرين، بينما لم تنجح محاولات "أردوغان" ونظامه لتشويهها عبر إلصاق تهمة دائمة بالضلوع وراء كل التفجيرات والجرائم الإرهابية التى تشهدها تركيا بالحركة وعناصرها.
بين كل هذه التداخلات، يستمر استهداف الإرهابيين الذين ربّاهم أردوغان ودعمهم لأمن الدولة التركية، التى لم تعد بالنسبة لهم الحليف الإيجابى الذى تطلعوا إليه وعلقوا فى رقبته آمالهم، بينما لم يعد تكرار اتهام حزب العمال الكردستانى أو حركة الخدمة وزعيمها فتح الله جولن مجديًا ولا مقنعًا لأحد، داخل تركيا أو خارجها، بينما يواصل "أردوغان" تقهقره، تُفرض عليه حلول ويجد نفسه أمام حلول إجبارية فى اتجاهات أخرى، بدأ يتراجع شيئا فشيئا عن تشدّده السابق بشأن ضرورة الإطاحة ببشار الأسد، وأنه لا حلل للأزمة قبل رحيله، وتعهده بالصلاة إلى جوار قبر صلاح الدين بعد إنهاء وجود النظام السورى، كلها شعارات عنترية سابقة تارج بها أردوغان واكتسب ود حلفائه الإرهابيين، من الإخوان إلى داعش والنصرة وأحرار الشام، والآن يتراجع عنها، بالصمت أولاً، ثمّ بلقاء دمشق وموسكو وطهران للاتفاق على حل الأزمة، ثمّ حديث الإدارة التركية عن أفق سياسى لحل الأزمة، ما يدفعنا لمدّ الخط على استقامته، متوقعين لقاء قريبًا بين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان، ربما يعتذر "أردوغان" عن جرائمه فى حق سوريا وشعبه، أو ربما يواصل عجرفته ويرفض الاعتذار، ولكن فى كل الأحوال سيكون شاهدًا على إعلان بشار الأسد انتصاره على الإرهاب واستعادة سوريا، بل ربما يكون هذا الإعلان من قلب تركيا، من أنقرة، التى كانت مخزن الإرهاب المعادى لهوية سوريا، وقد تكون منصة بشار قريبًا.
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
مقال رائع
تسلم ايدك