هل نلوم ترامب على تصريحه الغبى حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أم نلوم أنفسنا؟
لسنوات طويلة، ظلت الإدارات الأمريكية تعمل حسابًا للغضب العربى، وللقدرات والإمكانات العربية، فكانت تحرص على ميل موازين القوى لصالح إسرائيل، لكنها لم تجرؤ أبدًا على اعتبار العرب كمًا مهملًا أو صفرًا على الشمال، كما حرصت على عدم تقويض القانون الدولى، وإضفاء شرعية على الاحتلال وممارساته الاستيطانية، رغم أنها الدولة الأكثر استخدامًا لحق الفيتو لإسباغ الحماية على تل أبيب، ومنع العقوبات الدولية عنها.
لكن دونالد ترامب، بإعلانه عزمه الوفاء بتعهداته الانتخابية، بنقل السفارة الأمريكية، من تل أبيب للقدس، يفرض واقعًا جديدًا على الأرض لأول مرة، فهو أول رئيس أمريكى يضفى شرعية على الاحتلال الإسرائيلى ويلقى بالقانون الدولى فى سلة المهملات، كما يعلن بصراحة تصل للوقاحة المهينة، أن العرب لم يعد بأيديهم أى سلاح يواجهون به الدولة العبرية، ومن وراءها الإدارة الأمريكية، فهل نلومه على موقفه الأحمق الغبى، أم نراجع ممارساتنا الحمقاء الغبية التى أدت إلى تحطيم جميع أسلحتنا بأيدينا؟
نعرف جميعًا أننا تعرضنا لخديعة تاريخية عندما استجبنا للمشروع التدميرى «الصهيو أمريكى»، المسمى بالربيع العربى، وبدلًا من وعى الحكام العرب المستبدين بضرورة التغيير السلمى وحماية الأمن القومى العربى، راهنوا على ضعف الشعوب حتى انفجرت بشكل عشوائى وأمكن لتجار الثورات وعملاء أجهزة الاستخبارات الدولية، وعصابات الإخوان والجماعات المتطرفة، أن يركبوا انفجارات الشعوب ويقودونها لتحقيق المخطط الأكثر تدميرًا للدول العربية لصالح من؟ لصالح من يقودونهم فى واشنطن ولندن.
ونعرف أيضًا، أن النخب المزيفة والعواطلية الذين أطلقوا على أنفسهم وصف النشطاء، ومعهم اللهو الخفى ولجانه الإلكترونية على مواقع التواصل الإلكترونية، عمدوا إلى تحطيم الهالة حول المؤسسات العسكرية والأمنية فى العالم العربى، وإطلاق الشائعات بشأنها لتأليب الرأى العام عليها فى خطة مدروسة لإفقاد العرب خطوط دفاعهم الأساسية، وقدرتهم على ردع إسرائيل.
والنتيجة الآن، بعد السنوات العجاف من الاستبداد، وما تلاه من فوضى غير خلاقة، أن الأمن العربى فى حالة من الانكشاف غير مسبوقة، وأن عدونا التقليدى يتحدى أن نجرؤ على اتخاذ أى إجراء فى مواجهة بلطجته غير المسبوقة، لأننا تفرغنا لإطلاق النار على أنفسنا ولنشر الفوضى فى بلادنا، كما اتبعنا السفهاء منا الذين يعملون على نشر الفوضى وتحطيم الثوابت، ومعاونة الأعداء على تنفيذ مخططاتهم ضدنا من خلال الشعارات الكاذبة، ودكاكين جمع المعلومات وحقوق الإنسان.
وللحديث بقية.