سادت مع دخول الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، للبيت الأبيض، وتسلم مهام منصبه الجديد كرئيس للولايات المتحدة رسميًا، حالة من التفاؤل الشديد فى أوساط دولة الاحتلال الإسرائيلى كونه أكبر الداعمين لها وأول رئيس أمريكى يعد بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للمدينة القدس المحتلة، ليكتمل المثلث الداعم للاحتلال أمريكا وبريطانيا وأستراليا.
وبتنصيب ترامب رسميا، اكتمل "مثلث الود" بريطانيا واستراليا وأمريكا مع إسرائيل، ففى الوقت الذى تعهد فيه ترامب بإدخال تغييرات جذرية على السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط تصب معظمها فى صالح تل أبيب، تتحدى تيريزا ماى فى بريطانيا ومالكولم تيرنبول فى أستراليا الإجماع الدولى حول العملية السلمية، مثيرين غضب الفلسطينيين.
الأنجلوسفير تقدم دعم غير مشروط لإسرائيل
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" فى تقرير لها، حول العلاقات الجديدة التى ستنعم بها تل أبيب مع تلك الدول، أن إسرائيل تعيش فترة ربيع من العلاقات مع دول "الأنجلوسفير"، مضيفة أنه فى الأشهر والسنوات المقبلة، يبدو أن ثلاثى مؤيد لإسرائيل تشكل حديثا من الدول الناطقة بالإنجليزية سيكون بمثابة العمود الفقرى للدعم الدولى للدولة اليهودية.
أمريكا الحليف الأكبر
ويعد المؤشر الأول والأكثر أهمية لهذا الاتجاه هو بالطبع التغيير فى البيت الأبيض، فإدارة دونالد ترامب، التى تولت مهامها أمس السبت، وضحت نيتها فى سد الفجوة العلنية التى كانت بين واشطن وإسرائيل خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وتعهدت بإعطاء الدعم الكامل لسياسات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
دعم بريطانيا
بالإضافة إلى ذلك، قامت بريطانيا فى الأسابيع الأخيرة وبشكل مفاجئ ودرامى بتبنى المواقف الإسرائيلية وعلى رأسها الاستيطان، متحدية الإجماع الأوروبى وحتى العالمى.
أستراليا تكمل المثلث
وأكملت استراليا هذا الثلاثى المؤيد لإسرائيل، حيث تربطها علاقات صداقة استثنائية مع إسرائيل منذ مدة طويلة، لكن مؤخرا وصلت هذه العلاقات إلى مستويات جديدة، بعكس الإجراءات ضد إسرائيل التى تبناها بقية العالم.
كندا تلتزم الصمت تجاه تل أبيب
كندا هى الدولة الرابعة الناطقة بالإنجليزية وهى مؤيدة قوية لإسرائيل، ولكن على عكس الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، التزمت الصمت حول التطورات الدبلوماسية الدراماتيكية فى الأسابيع الأخيرة. والبلدان الآخران اللذان يقعان ضمن هذه المجموعة الناطقة بالإنجليزية هما آيرلندا ونيوزيلندا، اللذان لا تزال علاقاتهما مع اسرائيل متوترة.
إسرائيل والدول العربية
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، أنه فى مواجهة تهديد إيران المتصاعد أكثر من أى وقت مضى على تل أبيب من وجهة نظر خبراء الأمن الإسرائيليين، وتصاعد التهديد الإرهابى خففت الكثير من الحكومات العربية من عداوتها تجاه الدولة اليهودية. لكن هذه العلاقات، التى تركز فى الأساس على التعاون الأمنى وتبادل المعلومات الإستخباراتية، ستظل سرا فى المستقبل المنظور، بما أن القادة العرب تعهدوا بعدم إضفاء الطابع الرسمى على العلاقات مع القدس فى غياب اتفاق سلام إسرائيلى - فلسطينى.
كما أن النقل المحتمل للسفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة قد يزيد من شبه التقارب المرغوب به كثيرا بين العالم العربى وإسرائيل تعقيدا.
الاتحاد الأوروبى الشريك التجارى
ولا يزال الإتحاد الأوروبى، الشريك التجارى الأكبر لإسرائيل، وهناك بعض المؤشرات على أن عام 2017 سيشهد تحسنا فى العلاقات المتوترة فى الوقت الراهن بين الإتحاد الأوروبى وإسرائيل.
ولكن موقف الإتحاد من عملية السلام، وبالأخص معارضته الشديدة للتوسع الإستيطانى وهدم إسرائيل لمبان تم بناؤها بتمويل من الإتحاد الأوروبى فى الضفة الغربية، سيهيمن على التفاعلات الثنائية، ومن المرجح أن يلقى بظلاله على أى انفراج ممكن فى العلاقات.
حتى ألمانيا، الصديق الأقرب لإسرائيل فى القارة، دعمت بالكامل المبادرات متعددة الأطراف الموجهة لكبح سياسات إسرائيل الاستيطانية. وعلى النقيض منذ ذلك، تستعد أكبر دول ناطقة بالإنجليزية فى عام 2017 إلى تعزيز تحالفاتها القوية أصلا مع إسرائيل بغض النظر عما سيحدث فى الضفة الغربية.
ترامب يعتمد برنامج مؤيد لإسرائيل
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، اعتمد الرئيس الأمريكى الجديد برنامجا سياسيا مؤيدا لإسرائيل بصورة كبيرة، حيث أنه لا يشمل فقط الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إلى هناك، بل أعلن أيضا تنديده للاتفاق النووى مع إيران ولقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذى سمح الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما، بتمريره فى الشهر الماضى.
بالإضافة إلى ذلك، قام ترامب بتعيين عدد من أشد المؤيدين لإسرائيل فى مناصب رفيعة فى إدارته، بعضهم معروفين بدعمهم للمشروع الاستيطانى. وفى تغريدة نشرها فى شهر يناير الماضى قال ترامب: "لا يمكننا الإستمرار بالسماح بمعاملة إسرائيل بهذا الازدراء التام وعدم الاحترام، لقد كان لديهم صديق جيد فى الولايات المتحدة.. لكن الأمر لم يعد كذلك، بداية النهاية كانت مع اتفاق إيران الرهيب، والآن هذا الشىء الأمم المتحدة! ابقى قوية يا إسرائيل! 20 يناير يقترب بسرعة!".
الدعم البريطانى
وفى السياق نفسه، قامت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى ورئيس الوزراء الأسترالى مالكولم تيرنبول، أيضا باتخاذ خطوات مفاجئة، وحتى غير تقليدية، تظهر دعمهما لإسرائيل.
فقد ساعدت وزارة الخارجية البريطانية فى صياعة القرار رقم 2334، الذى انتقد وأدان المشروع الاستيطانى الإسرائيلى بشدة، وبريطانيا صوتت لصالحه فى 23 ديسمبر، لكن هناك دلائل تشير إلى أن ماى لم تكن على علم بالقرار، أو بالسبب وراء اعتباره من قبل إسرائيل غير مقبول بالمرة.
وبعد أن ألقى وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بخطاب مطول فى 28 ديسمبر، هاجم فيه مرة أخرى المستوطنات واقترح معايير لاتفاق سلام إسرائيلى - فلسطينى فى المستقبل، أصدر "10 داونينج" بيانا استثنائيا للغاية أدان فيه أقوال كبير الدبلوماسيين الأمريكيين المنتهية ولايته.
وقال متحدث بإسم ماى: "لا نعتقد أنه من اللائق مهاجمة تشكيل حكومة حليف منتخبة ديمقراطيا، أن المستوطنات ليست بأى شكل من الأشكال المشكلة الوحيدة فى هذا الصراع، على وجه الخصوص، يستحق الشعب الإسرائيلى العيش من دون تهديد الإرهاب، الذى اضطر للتعامل معه لفترة طويلة جدا".
وقد استمر تحدى لندن لموقف المجتمع الدولى حول الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى عندما رفضت التوقيع على البيان المشترك لمؤتمر باريس للسلام الأسبوع الماضى، الذى تم فيه الإعلان عن تأييد حل الدولتين ودعوة الطرفين إلى استئناف المفاوضات.
فى حين أن نص البيان كان أقل حدة بكثير من قرار مجلس الأمن ويؤكد مواقف توافق عليها بريطانيا من حيث المبدأ، لكن وزارة الخارجية البريطانية انتقدت الاجتماع معتبرة توقيته غير مناسب عشية تسلم إدارة أمريكية جديدة مقاليد الحكم، ولحقيقة عدم حضور الإسرائيليين أو الفلسطينيين فيه.
وبالإضافة لذلك، قامت بريطانيا يوم الإثنين الماضى، بإحباط الجهود الفرنسية فى الحصول على دعم مجلس الشئون الخارجية التابع للإتحاد الأوروبى للبيان النهائى الصادر عن مؤتمر باريس. والعديد من المسئولين والمحللين الأوروبيين رأوا أن تحركات ماى الغير عادية هى محاولة لكسب ود ترامب أكثر من كونها تتعلق بإسرائيل.
وقالت الصحيفة العبرية، أن المملكة المتحدة، التى صوتت لصالح الانسحاب من الإتحاد الأوروبى فى العام الماضى، لم تعد تخشى تحدى الإجماع الأوروبى حول الشرق الأوسط، فهى تنظر إلى سياستها بشأن الشرق الأوسط كمحاولة لتأكيد نفسها كدولة ذات سيادة تسعى إلى سياسة خارجية مستقلة.
صداقة أستراليا وإسرائيل
وعلى الجانب الاترالى، فأن أستراليا تربطها بإسرائيل علاقة صداقة غير مشروطة منذ مدة طويلة، فأول مرة ميزت نفسها عن بقية العالم كانت فى أوائل عام 2014، عندما رفضت وزيرة الخارجية جولى بيشوب، فى مقابلة مع "تايمز أوف إسرائيل" وصف المستوطنات بغير الشرعية.
وفى الشهر الماضى، خرجت كانبيرا مرة أخرى عن الإجماع الدولى عندما كانت الدولة الوحيدة فى العالم، إلى جانب إسرائيل، التى نددت بقرار مجلس الأمن رقم 2334.
وأعلنت بيشوب أن أستراليا كانت ستعارض النص على الأرجح ورئيس الوزراء مالكولم تيرنبول – ذو الجذور اليهودية – هاجم القرار فى وقت لاحق واصفا إياه بالأحادى والمقلق للغاية. ولم يتوقف الأمر عند ذلك. مثل بريطانيا، فقد بعثت كانبيرا يوم الأحد الماضى، وفدا منخفض المستوى إلى قمة باريس للسلام وأعربت عن مخاوف بشأن البيان المشترك الذى صدر فى نهاية المؤتمر.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، أن لنتنياهو أسباب وجيهة ليكون متحمسا بشأن آفاق التعاون مع القادة "الأنجلوساكسونيين" الثلاثة، الذين يبدون إستعدادا للسير عكس التيار، فعلى الرغم من تحقيقات الفساد التى تجرى ضده حاليا، ما زال نتنياهو يخطط ليكون أول رئيس وزراء إسرائيلى يزور أستراليا فى الشهر المقبل، ليشكر كانبيرا على دعمها الثابت.
كما يخطط نتنياهو للقيام بزيارة إلى واشنطن للقاء ترامب فى أوائل شهر فبراير، وبالنظر إلى الخطوات التى قامت بها تيريزا ماى مؤخرا لن يتفاجأ أحد إذا قام بالتوجه إلى لندن فى وقت قريب جدا.