الرئيس الجديد يفتح النار على كل الجبهات بقوة ورباطة جأش يحسد عليها
فيلم ثورات الربيع العربى، وما كان يضمه من مصطلحات لا حصر لها، بدءًا من النشطاء والخبراء الاستيراتيجيين، ومرورا بالحراك الثورى، والمظاهرات المليونية، ونهاية بالثورة المضادة، والدولة العميقة، وفلول النظام، والتطهير، وإعادة الهيكلة، يبدو أنه تمت ترجمته وتحديث مشاهده، والدفع به إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.. أول مشاهد هذا الفيلم فى نسخته الجديدة، كان تحطيم تماثيل آلهة الحرية بشقيها، حرية التعبير، وديمقراطية الصناديق، فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث خرج الأمريكيون فى مظاهرات صاخبة اعتراضا على فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية، محققا انتصارا أشبه بالمعجزة.
ترامب، لم يخض سباق المنافسة على مقعد الرئاسة الأمريكية أمام خصم وحيد واضح ومعلن، وإنما كان يخوض الانتخابات أمام منافسين كثر يمتلكون مفاتيح الفوز والنفوذ والتأثير والقوة.
كان منافسه المعلن الدبلوماسية الداهية «هيلارى كلينتون»، أما غير المعلن فكان تكاتف كل المؤسسات الأمريكية الرسمية، بجانب معظم وسائل الإعلام المؤثرة، ومؤسسات ورجال المال والبيزنس فى نيويورك وكاليفورنيا، من أجل إقصاء دونالد ترامب، الذى خاض معركته «بمفرده» حتى دون مساندة قوية من حزبه «الجمهورى»، ومع ذلك استطاع هذا الرجل أن يحقق المعجزة، ويقهر كل خصومه، وينتزع مقعد الرئاسة من بين أنياب الوحوش المفترسة انتزاعا، وقرر مواجهة كل خصومه بكل قوة، بل قرر فتح النار على كل الجبهات برباطة جأش يحسد عليها، فأعلن الحرب الشاملة ضد التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها بالطبع جماعة الإخوان الإرهابية وداعش، بجانب المهاجرين والسود، وإعلانه الحرب على المؤسسات الفاعلة مثل المخابرات الـCIA الذى اتهمها بشكل واضح بالفساد، وأنها أعدت تقارير مزورة وغير حقيقية، ضاربا بتقارير الأسلحة المحظورة فى العراق، مثالا، حيث أكدت امتلاك صدام حسين للأسلحة المحرمة، وبموجبها تم اتخاذ قرار غزو العراق، وبعد سقوط بغداد فى وحل الفوضى تبين عدم وجود أى أثر لأسلحة محرمة أو غيرها.
دونالد ترامب، وبمجرد تصريحاته حول الفساد فى جهاز المخابرات الأمريكية، وعدم ثقته فى عدد من المؤسسات الرسمية، بدأ ظهور مصطلح «الدولة العميقة»، التى خططت لإحراج ترامب بتنظيم المظاهرات فى يوم تنصيبه ودخوله البيت الأبيض، وتأليب الشارع الأمريكى، وهنا لا يعنينا تفاصيل المظاهرات، ولا العنف المفرط للشرطة مع المتظاهرين والقبض على العشرات، ولكن الذى يعنينا مصطلح «الدولة العميقة» فى فيلم ثورات الربيع العربى بنسخته الأمريكية.
نعم، المشاهد التى نقلتها معظم وسائل الإعلام فى العالم لحفلة تنصيب دونالد ترامب، وما صاحبها من مظاهرات صاخبة، وظهور مصطلحات عاشها العالم العربى، وفى القلب منها مصر، أمر يستحق الوقوف أمامه كثيرا بالتحليل والتدقيق، والبحث عن إجابات للأسئلة من عينة «هل بالفعل هناك دولة عميقة فى الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل ضد ترامب وتحاول جاهدة إفشال مشروعه الذى يحمل شعار «سنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»؟ وهل الإخوان وحماس كان لهما الدور البارز فى تأجيج المظاهرات وأعمال التخريب التى صاحبت حفل تنصيب الرئيس الجديد؟ وما دور المال والبيزنس والإعلام فى محاولة الإساءة وعرقلة أى جهود سيقوم بها ترامب وفريقه حاليا ومستقبلا؟ وما حقيقة تطهير المؤسسات من فلول الحرس القديم الذى سيطر على أمريكا طوال 4 عقود ماضية؟».
هذه الأسئلة كانت تدور على الألسنة فى مصر خلال السنوات الست الماضية، بشكل جلى وواضح، وعانى معظم المصريين فى البحث عن إجابات لهذه الأسئلة، وفى سيناريو انقلاب السحر على الساحر، انتقلت هذه الأسئلة المزعجة بنفس التفاصيل إلى بيت الداء، أمريكا، لتشرب من نفس كأس المر، والأهم انقلاب البيت الأبيض «نفسه» بقيادة ترامب على جماعة الإخوان الإرهابية، التى كانت «ترتع» فى دهاليزه فى عهد أوباما لتأليب العالم ضد مصر ومؤسساتها.. ولك الله يا مصر...!!!