"الجمال طغيان قصير العمر" قالها منذ سنوات جورج برنارد شو، وطبقها سوق عمليات التجميل الذى لا يرحم، فهو بالفعل سطوة تلفت الأنظار ويدفع الكثير أموالهم فى الحصول عليه إن لم يتوفر ولكن المفاجأة عندما تكون النتيجة غير مرضية أو قصيرة المدى تجعلك مبتهجا اليوم ثم تعانى غدا وبعد غد، هذا ما حدث لكثيرين عشقوا التجميل حتى أدمنوه إلى أن فقدوا كل شىء فى لحظة، ومن ذلك نقدم عددا من الحالات الفاشلة وكل ما يحيط بها من تساؤلات حول ضرورة إجراء عملية تجميل من عدمه.
فى هذا السياق، كشف الدكتور ياسر حلمى، استشارى جراحات التجميل والليزر، أن حلم الجمال قد ينقلب على المرأة ليتحول إلى كابوس فى لحظة، إذا لم يتم بشكل صحيح وبالفعل تعرضت حالات كثيرة لذلك بسبب تسرعها فى اختيار الطبيب المعالج والمكان الذى يجرى فيه العملية، فلم يؤد عمله بشكل جيد وتدخل مناسب للحال.
وأشار ياسر حلمى إلى أن هناك الكثير من الحالات الفاشلة التى يراها نتيجة لهذا الفشل والتى تكون لمرأة ذهبت للطبيب من أجل زيادة جمالها فتعرضت للتشوهات مثل عملية شفط الدهون تحت الذقن عندما قام بها طبيب بطريقة عنيفة أدت إلى تليفات للمريضة ظاهرة بشكل مشوه فى أسفل وجهها، وأخرى تعرضت لجراحة ثدى غير محسوبة فأدى ذلك إلى خروجها من غرفة العمليات بثدى غير متناسق وحلمة شكلها غريب.
جراحة تجميل فاشلة
كما أضاف حلمى، أن عمليات شد البطن الفاشلة ينتج عنها بعض الزوائد الدهنية فى مؤخرة الدهن ليشوه تضاريس جسم الأنثى، مؤكدا أن ذلك غير مقبول علميا ومهنيا من جانب الطبيب، لذلك نصح باختيار الطبيب والمكان جيدا قبل التفكير فى الخضوع لواحدة من هذه العمليات.
فيما أوضح الدكتور عبد الرحمن عوضين، عضو الجمعية المصرية لجراحى التجميل، أن عمليات التجميل ليست سهلة إنما هى السهل الممتنع فكل منطقة مرتبطة بخلايا حساسة جدا لذلك الحرص مطلوب، مؤكدا أن الطبيب الذى يقوم بهذه العمليات يجب أن يكون حاصلا على الدكتوراه وخبرة 5 سنوات فى المجال حتى يقوم بعملية صحيحة ونسبة خطأها شبه معدوم، ولفت عوضين إلى أن عمليات شد الجفون الفاشلة تؤدى إلى فقدان البصر لأنها تؤذى أعصاب دقيقة.
وانتقالا لحالات أوروبية، نجد حالة كارول بريان التى رأت التجاعيد تظهر فى وجهها بشكل واضع مع نهاية الثلاثينات، فذهبت لتأخذ بعض حقن البوتكس لتجعل وجهها خاليا منها، وفى عام 2009، عندما بلغ عمرها 47، قررت أن تستخدم طريقة أخرى للتجميل وهى "فيلر الوجه" لتصلح ما وصفه الأطباء بأنه فقد فى حجم الجبهة وعظام الوجنتين.
عملية تجميل
وتعد بريان، كما نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية، واحدة من بين 15 مليون شخص فى أمريكا تتعامل بشكل كبير مع منتجات التجميل، ولكن أن يتم حقن نوعين مختلفين من الفيلر معا ويكون واحد منهما سيلكون ويتم حقنهما فى الوجه فى مكان لا يفترض أن تحقن فيه بالتأكيد سيكون له آثار لا تحمد عقباها.
لم تشعر بريان فى البداية إلا بالآثار الجانبية العادية ومنها التورم البسيط والكدمات، ولكن بعد ثلاثة أشهر فقط من العملية، فوجئت بوجه مرعب لحد ما وهو الأمر الذى جعلها تلجأ إلى منتجات التصحيح لتعالج وجهها ولكن الأمر ازداد سوءا ودمرت العصب البصرى ما أدى لفقدان دائم للرؤية فى العين اليمنى.
تقول بريان "وجهى تورم كثيرا للدرجة التى بدأت أختبأ فيها ليس فقط من أهلى وأصدقائى ولكن أيضا من نفسى"، بدأت بريان تشعر بأنها كائن فضائى بعد أن غطى تورم جبهتها على عينيها، ولثلاث أعوام كاملة انفصلت عن الجميع ولم تغادر منزلها قط وأغلقت باب غرفتها عليها حتى إنها لم تعد متأكدة من أنها تستطيع مواصلة الحياة وفكرت فى الانتحار.
السيدة قبل وبعد الحقن
وخرجت بريان من هذه الحالة بفضل بنتها التى أجبرتها على طلب المساعدة وسافرت بها من فلوريدا للوس أنجلوس لتتابع رحلتها مع العلاج، وعانت آلاما شنيعة خلال العمليتين الجراحيتين اللتين خضعت لهما، وكانت أصعب هذه الأوقات عندما خضعت لعملية ترقيع من ظهرها إلى جبينها والتى استمرت لـ17 ساعة.
إجراء عملية التجميل ضرورة فى هذه الحالات فقط
وفى هذا الصدد، قال الدكتور طارق أحمد سعيد، أستاذ جراحة التجميل بطب قصر العينى، إن مجال عمليات التجميل جزأين أولهما معروف للجميع وهو الجمالى من تغيير للشكل بهدف الظهور بمنظر حسن وذلك اختيارى وغير ضرورى أبدا، وثانيهما هو الجزء التكميلى وهو ضرورى ويجب إجراؤه لأنه يخص الإصلاح فى حالة الحروق والجروح والعيوب الخلقية التى قد يولد بها الشخص.
وعلى جانب آخر، أشار الدكتور عبد الرحمن عوضين، عضو الجمعية المصرية لجراحى التجميل، إلى أن العمليات التجميلية مثل التى تحدث فى الأنف أو الثدى وشد البطن تكون أحيانا ضررورية أيضا وليس فقط العمليات التى تخص الجروح، واستند فى ذلك لهدفها حيث إنها قد تكون وظيفية إصلاحية مثل العملية التى تخص ترهلات الثدى فقد تأثر على فقرات الرقبة والتنفس وفى حالة كانت السيدة أم فمن الممكن أن يموت ابنها خلال الرضاعة بالاختناق.
وأضاف أن عمليات شد البطن قد تكون بسبب أن الدهون تؤثر على الظهر، وكذلك تجميل الأنف يكون بشكل وظيفى أحيانا عندما يكون متسبب لصاحبه بصداع مزمن وزغللة، وبالإضافة إلى شفط الدهون بيأثر على الهرمونات عند النساء ومشكلة الإنجاب فبيكون مساعد لطبيب العقم أن نشفط 10 لـ 12 لترا خاصة لو كانت السيدة كبيرة.
لائحة الممنوعين من إجراء عمليات التجميل
قال الدكتور عبد الرحمن عوضين، استشارى الليزر والتجميل، إن هناك أشخاص ممنوعين من إجراء أى عملية تجميل، ونسبتهم 5% من المترددين على عيادات التجميل، ويفضل عدم التعامل مع طلباتهم بشكل جدى، لأنهم يكونون مصابين بمرض نفسى يسمى "هوس التجميل"، وهو اضطراب يجعل صاحبه غير راضٍ عن نفسه ولن يرضى أبدا بأى نتيجة لعملية التجميل وإذا فتح هذا الباب أمامه سيتقدم لعملية تجميل تلو الأخرى دون توقف.
عملية تجميل فى الوجه
وأضاف عوضين، أن جراح التجميل يجب عليه أن يخضع المريض الذى يلجأ له لجلسة نفسية يفهم منها إذا كان يعانى من مرض نفسى أو لا قبل البدء فى إجراء العملية، مشيرا إلى أن طبيب التجميل يدرس الجزء النفسى لكل عملية على حدة على مدار عشر سنوات كاملة، فهو فى الأصل دكتور نفسى يحمل مشرطا، وبطريقة غير مباشرة يستطيع الكشف عن الحالة المتقدمة إليه.
كما أوضح عوضين، أنه من خلال الجلسة النفسية التى يعدها الطبيب قد يكتشف أن هذا الشخص يعانى من مشكلة طلاق أو فقدان حبيب أو مشكلة فى العمل تؤدى به إلى اللجوء لتغيير شكله، وعندما يجد طبيب التجميل أنها استنادا لدافع نفسى يحول المريض لطبيب نفسية وعصبية، وإن لم يحدث ذلك وخضع المريض لعملية تجميل سينتهى الأمر بمشاكل نفسية وصحية.