البعض يبدى دهشة من عدد قضايا الرشوة والفساد التى تضبطها الرقابة الإدارية فى الفترة الأخيرة، وكل واحدة منها بملايين، وكل مليون رشوة يسهل الاستيلاء على عشرات الملايين، الإعلان لا يعنى أنه لم يكن هناك فساد، ولا أن هذه نهايته، لكن كل يوم نتأكد أن هناك شيئا ما يشد الفاسدين والقابلين للفساد.
قد لا يعنى هذا أن المال العام فيه نوع من الجاذبية، تجعل الفاسد ينجذب إليه ويقع فى هواه، لكن أن «المال السايب يعلم السرقة» وأن هذه الجاذبية تعنى أن أبواب الفساد مفتوحة والثقوب كثيرة، ولهذا فإن بعض التقديرات تصل بحجم ما يأكله الفساد، بما يساوى عجز الموازنة. والدين العام، ويستندون إلى أن ما تم ضبطه خلال شهر يتجاوز المليار جنيه، ومعروف أن نسبة ما يتم ضبطه، يتراوح بين 20-30% فقط.
هناك مقولة شعبية أن مصر تسرق من آلاف السنين ومع هذا لا يزال فيها مال للسرقة، أو أن من يدفع رشوة، يفعل هذا ليحصل على حق غيره من المواطنين. ولعل هذا الأمر، هو ما يجعل لدى الأغلبية شكا دائما، فى مصادر أموال من يحققون ثراءً، مفاجئا، أو حتى ثراء يتجاوز العقل والمنطق.
كل هذا يعنى أن الفساد، يتم لوجود نظام إدارى ومالى، يعطى أفراد مفاتيح القرارات التى تتعلق بأراض وملايين وإرساء مناقصات، أو صرف تموين، وتوريدات ومشتروات، وتكرار الرشوة، يعنى عدم الخوف، أو أن القبض على فاسد لا يردع من يفكرون، لأن إغراء الربح فى الفساد، يتفوق على العقاب.
الأهم من كل هذا، ومع التقدير لجهود الرقابة الإدارية والجهات التى تواجه الفساد، وتراقب عمليات المال العام، فإنه ما لم يتم إغلاق الأبواب التى يدخل منها الفساد، من الصعب تصور أن يتم وضع رقيب خلف كل موظف قابل للفساد، ناهيك عن أن الفساد يضيع أى جهود للنمو والبناء، وكل هذه المشروعات الخدمية والصناعية، يمكن للفساد أن يأكلها من الداخل، ويصبح إحساس الناس بها غائبا.
مع الأخذ فى الاعتبار أن كل طرف لديه شكوى من الفساد، والبعض يبرر ذلك بأنه يريد أن « يمشى حاله» ويحصل على حقه، لكن البعض من قضايا الفساد تشير إلى أن البعض يرشو ليحصل على حق غيره، لنظل فى حلقة مفرغة، تحتاج إلى من يوقفها.