ارتسمت ابتسامة غريبة على وجه الرئيس الجامبى السابق "يحيى جامع" بينما يستعد لصعود الطائرة التى سوف تقله إلى منفاه، بعد أن تم إجباره على التنازل عن السلطة، ولكن ما أعلنه مسئولون بالدولة الأفريقية الصغيرة بعد ساعات من مغادرته كان سببًا وجيهًا لهذه الفرحة، وذلك بعد أن اكتشفوا أن "خزائن الدولة تقريبًا فارغة"، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وبعد ساعات من الوساطة الأفريقية لإقناع الرئيس المنتهية ولايته على التخلى عن السلطة بعد خسارته فى الانتخابات الرئاسية، وافق "جامع" على التنحى وترك البلاد السبت الماضى، ولكن عقب ذلك بساعات، أعلن "ماى أحمد فاتى" مستشار الرئيس الجامبى الجديد "أداما بارو" فى مؤتمر صحفى أن "جامع سحب 11.4 مليون دولار خلال الأسبوعين الماضيين". وقال "فاتى" فى تصريحات لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية: "جامبيا فى ضائقة مالية. الخزائن فارغة تقريبًا. هذا هو الواقع...لقد تم تأكيده من قبل الفنيين فى وزارة المالية والبنك المركزى بجامبيا".
وأضاف أن طائرة شحن تشادية نقلت سلع فاخرة إلى خارج البلاد نيابة عن جامع خلال ساعاته الأخيرة فى السلطة، بما فى ذلك عدد غير محدد من المركبات. ويقول "فاتى" أن ذلك ما تم اكتشافه فى الساعات الأخيرة عقب رحيل جامع وأسرته على متن طائرة برفقة رئيس غينيا، بعد أن حكم "جامع" جامبيا لمدة ٢٢ عاما. وفى تصريح له لهيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، أشار "فاتى" إلى أن ١١ مليون دولار هو "كم كبير من المال" بالنسبة لنفقات جامبيا الأساسية.
وتقول واشنطن بوست أن "جامع" كان معروفًا بالبزغ، بالرغم من أن دولته تعانى من الفقر الشديد، مشيرة إلى أنه كان يمتلك أسطول من سيارات رولز رويس. ولكن فى تصريحات لصحيفة "اى بى تايمز" البريطانية، أكد المستشار "فاتى" على أن السيارات الفاخرة التى كان يمتلكها جامع لا تزال بالمطار "ولن تذهب إلى أى مكان". كما أشار إلى أنه من غير الواضح كيف تم استخدام هذه الأموال من قبل جامع، مضيفًا: "انه أمر يتم النظر فيه...عند استلام الحكومة الجديدة، فإننا سنكون فى وضع أفضل للتحقيق".
وبعد خسارة الانتخابات فى ديسمبر الماضى، وأقر جامع بهزيمته أما مرشح المعارضة "أداما بارو"، عاد ورفض الرئيس المنتهية ولايته التنحى زاعمًا وجود انتهاكات بالعملية الانتخابية، وهو ما اضطر تدخل دول غرب أفريقيا، مدعومة بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التى هددت الرئيس المتعنت بتدخل عسكرى لإجباره على الرحيل. وقد لاقى تدخل "إيكواس" دعمًا دوليًا، ومساندة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذى أوصى بأن تكون الخطوة الأولى هى الحل الدبلوماسى.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الرئيس السابق، قبل مغادرته، كان يحاول التفاوض على العفو عن أى جرائم ارتكبها خلال العقود التى قضاها فى منصبه، ولكن الرئيس الجديد "أداما بارو" صرح بأنه قد يدشن لجنة لتقصى الحقائق. وكان سجل "جامع" الحقوقى سببًا فى انتقاد منظمات حقوق انسان له بسبب قمع المعارضة والصحفيين، بالإضافة إلى تعليق مؤقت من الاتحاد الأوروبى للمساعدات الموجهة لجامبيا.
ووصفت صحيفة الإندبندنت البريطانية خسارة "جامع" أمام "أداما بارو" هى القشة التى قصمت ظهر البعير، بعد أن أثار "جامع" قلق المجتمع الدولى بقراراته خلال السنوات الأخيرة، منها إعلان جامبيا جمهورية إسلامية، وسحب دولته من الكومنويلث والمحكمة الجنائية الدولية. بينما حظى الرئيس الجامبى الجديد "أداما بارو"، والذى حلف اليمين الدستورية فى سفارة بلده بالسنغال الأسبوع الماضى لأسباب أمنية، على دعم دولى كبير. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعربت فى بيان لها أمس الاثنين عن تهنئتها على الانتقال السلمى للسلطة فى جامبيا واستلام الرئيس الجامبى الجديد السلطة.
ولم يؤكد مستشاره "فاتى" على موعد عودة الرئيس الجديد إلى جامبيا، ولكن العملية العسكرية التى شنتها دول غرب أفريقيا سوف تستمر بناء على طلب "بارو" لحفظ الأمن فى البلاد قبل عودته.
الرئيس الجامبى داخل طائرته
قوات جامبيا