تم عرض اتفاق تنازل حكومة زيور باشا عن «واحة جغبوب» على البرلمانات المتعاقبة طوال 7 سنوات، ولكن النواب كانوا يرفضونها، وحسب كتاب «سرقة واحة مصرية» للكاتب الصحفى محسن محمد، فإنه نظرا لظروف الاحتلال الإنجليزى لمصر لم يعلن الأعضاء رفضهم صراحة، بل اكتفوا بأن يتركوا الاتفاق «نائما» فى لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب، أو كما قيل: «دفن الاتفاق فى هذه اللجنة»، واللافت أن إحالة الاتفاقية إلى البرلمان كان يتم بينما إيطاليا احتلت الواحة يوم 6 فبراير 1926، أى بعد أكثر من عام على توقيع «زيور باشا» على التنازل عنها يوم 6 ديسمبر 1925 مع الجانب الإيطالى باعتبار أن إيطاليا تحتل ليبيا.
فى عام 1930 جاء إسماعيل صدقى رئيسا للوزراء وكان هو الذى قاد المفاوضات مع الإيطاليين حول الاتفاقية عام 1925، وكان وقتها وزيرا للداخلية، والمعروف أن رئاسته للوزارة عام 1930 تم معها إلغاء دستور 1923، وأعد دستورا بديلا هو دستور 1930، وأنشأ حزب «الشعب» وتولى رئاسته وكان له الأغلبية فى مجلس النواب بعد أن قاطع حزب الوفد الانتخابات، وفى عام 1932 كان إسماعيل صدقى رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية والمالية معا، وبالرغم من احتلال إيطاليا لـ«جغبوب» طالبت مصر بأن يصدق برلمانها على الاتفاقية الموقعة فى 6 ديسمبر 1925، فأحال مجلس النواب الاتفاقية إلى لجنة الشؤون الخارجية يوم 4 فبراير 1932 لتقديم تقريرها تمهيدا لعرضه على المجلس.
ويذكر «محسن محمد»، أن المجلس اجتمع يوم 3 يونيو 1932 برئاسة توفيق رفعت باشا، وكان مقرر اللجنة الخارجية النائب وهيب دوس بك المحامى، شقيق وزير المواصلات توفيق دوس باشا، وتلا وهيب تقرير اللجنة الذى يقول: «إن مصر كسبت كثيرا بهذا الاتفاق ولم تخسر شيئا، وإن جغبوب لم تكن تابعة لمصر»، ويتكلم وهيب: «لو كانت تابعة لنا لتمسكنا بها»، ويقدم خريطة تؤيد وجهة نظره.
وتبدأ مناقشات النواب، فيقول النائب مصطفى محمود الشوربجى: «المادة 46 من الدستور تنص على أن جميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها البرلمان، فعلق إسماعيل صدقى: «فى الدستور وشؤون الدستور يجب تفسير النصوص بما يتفق مع مصلحة البلاد ويزيد من حقوق الأمة».
ويصفق نواب «برلمان إسماعيل صدقى»، وتتواصل المناقشات الساخنة تحت القبة، وكان نجمها النائب الدكتور عبدالحميد سعيد، فماذا قال؟