طالما تباهت جماعة الإخوان الإرهابية وأصحاب الميول الظاهرية بالإسلام بعلمانية تركيا، وقدرة النظام المتأسلم بها على التعايش مع هذه العلمانية بل والوصول للحكم وأرقى مناصب الدولة، وإن المتأسلمين الأتراك لم يحاولوا يوما المساس بالنظام العلمانى للدول التركية بل حرصوا عليه كما أنهم قد استثمروا هذا المناخ العلمانى فى تحقيق حالة رخاء اقتصادى غير مسبوقة على مدار سنوات، حتى أن جماعة الإخوان فى جمهورية مصر العربية حين قررت أن تؤسس حزبا سياسى أطلقت عليه الحرية والعدالة، تيمنا بحزب "العدالة والتنمية" الذراع السياسية للإخوان فى تركيا.
ومرت الأيام بشكل سريع على غير المتوقع لنجد اليوم أننا بصدد انقلاب دموى مؤجل منذ سنوات يقوده رجب طيب أردوغان وحزبه بعد مراوغة استطاع من خلالها التمكن أولا من كل مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والأمنية، انقلابا ضد كل الأعراف الدستورية والمدنية والعلمانية التى طالما تشدق بها المتأسلمون الأتراك.
لقد صوت البرلمان التركى فى الجولة الثانية على تعديلات دستورية تهدف إلى تحويل النظام السياسى فى تركيا إلى نظام رئاسى بدلا من النظام البرلمانى، بمعنى أن تتوسع صلاحيات الرئيس ( أردوغان ) التنفيذية بعد أن كان منصبا شرفيا وبروتوكوليا إلى حد كبير.
اليوم نجح أردوغان وإسلاميوه فى إعادة تركيا ( الدولة العصرية الحديثة ) لما يتجاوز المائة عام على الأقل إلى الوراء، نجحوا فى الانتصار على نهضة تعليمية واقتصادية وطفرات حققها الشعب التركى تحت نظم الحكم العلمانية، وفى أقل من عشر سنوات فقط من الحكم المتأسلم، نجحوا فى احتلال الأطراف البعيدة وحشد الأنصار فى الريف، تجييش آلاف من الشباب الذى خرج بعد نداء واحد من أردوغان على تويتر فى مطلع العام بعد ادعائه أن الدولة تتعرض لمحاولة انقلاب عسكرى فاشلة، لينقض هؤلاء الشباب على أفراد الجيش فى الشوارع، ليعذبوهم وينكلوا بهم تنكيلا لم يسبق أن تعرض له الجيش التركى على مر تاريخه.
ولقد رأينا أن نفس هؤلاء الشباب قد احتشدوا فى خلفية المشهد، حين صوت نواب البرلمان بالموافقة على تقليص صلاحيات البرلمان ورئيس مجلس الوزراء لصالح الرئيس، ما يعنى أن أردوغان سيحصل على صلاحيات أكبر، تحت رقابة أضعف.
كانت مناقشات هذه التعديلات فى الجولة الأولى قد شهدت حالة من التراشق والعراك، والسباب المتبادل بين نواب العدالة والتنمية والنواب المعارضون، وخرج عشرات النواب ينددون بانتهاك القواعد الدستورية التى تدعو إلى إجراء الاقتراع سرا، وهو ما يعنى أن هؤلاء النواب صوتوا تحت تهديدات من الحزب الحاكم، وحين نتكلم عن التهديدات هنا فإننا نتحدث عن حملات واسعة لإقالة كل معارضى النظام المتأسلم فى الوظائف المدنية والعسكرية التى شهدتها تركيا فى الأشهر الماضية، إقالات طالت ملايين الموظفين المدنيين، تحت دعوى دعمهم للانقلاب على أردغان، فما بالنا بنواب البرلمان وما يمكن أن يطالهم بعد التصويت ضد رغبة الخليفة المنتظر.
باختصار أدعوكم إلى مشاهدة السيناريو المعد سلفا الذى أفسده المصريون بخروجهم ضد جماعة الإخوان الإرهابية، سيناريو كان مخططا له أن ينفذ أولا فى جمهورية مصر العربية ثم ينتقل إلى دول أخرى حصل الإخوان فيها على مرادهم وتمكنوا من مفاصلها.
نشاهد ذلك اليوم لنعى كم كان محقا الشعب المصرى حين لفظ مخطط التمكين الذى تبنته جماعة الإخوان الإرهابية خلال فترة حكمها، ولا شك أن الشعب المصرى الأصيل يجب يستحق التقدير على قدرته ووعيه المستنير التى استطاعت قراءة المشهد العبثى الذى مرت به جمهورية مصر العربية سريعا وأدركت حجم المؤامرة وأبعادها.
عدد الردود 0
بواسطة:
شريف
أخيراااااااااااااااااااااا
أخيرا وجدت من قرأ الاحداث في تركيا قراءة عميقة .. نعم هي التقية الاخوانية في أفضل صورها ومن ثم التمكين والسيطرة علي مفاصل دولة باكملها لحساب جماعة واحدة .. ولينسي الشعب التركي ان يتحرر من استعباد اسيادهم الاخوان-كما سيعايرونهم صراحة بها قريبا- لمئات السنين القادمة أو تكون ثورة عليهم من حيث لا يحتسبون مع انني أشك الآن في قردة الشعب التركي علي امتلاك الزمام مرة اخري .. وليجمد الله كل مصري شريف وعي وفهم ما كان يحيق بنا والي اين كنا ذاهبون . والله لولا وقوف الجيش والشرفاء امام كخططهم بصلابة لما استفقنا منها ابدا .... وليعلم الجميع ان معظم مشاكلنا الحالية مخطط لها كعقاب للشعب المصري علي هدم مخططهم الشيطاني ..... حظ الله مصر من كل سوء ..