أغلق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الحدود الأمريكية أمام اللاجئين، ووقع على قرارات تمنع دخول المواطنين من دول مسلمة إلى الولايات المتحدة بمن فيهم اللاجئون السوريون الفارون من الصراع والقتل فى بلادهم، باستثناء العائلات المسيحية، وهو ما آثار الكثير من الجدل فى الشرق الأوسط قبل الولايات المتحدة نفسها.
وفى قراره الذى شمل العراق وإيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن، ووصفه ترامب بأنه جزء من إجراءات تدقيق جديدة لإبعاد الإرهابيين الإسلاميين الراديكاليين عن الولايات المتحدة، قال الرئيس الأمريكى خلال توقيع قرارته فى وزارة الدفاع الأمريكية : "لا نريدهم هنا.. نحن نريد أن نضمن أننا لا نسمح فى بلادنا بهذه التهديدات ذاتها التى يقاتلها جنودنا فى الخارج، نريد فقط أن نسمح بدخول أولئك الذين سوف يدعمون بلدنا ويحبون شعبنا بعمق".
وقبيل هذه التصريحات، قال ترامب فى مقابلة مع محطة "كريستيان برودكاستيج"، الأمريكية، إن الأولوية فى طلبات اللجوء إلى الولايات المتحدة التى يقدمها سوريون ستكون للمسيحيين منهم، وأضاف أن المسلمين السوريين وجدوا الطريق أسهل لدخول الولايات المتحدة من المسيحيين، وأن المتطرفين "يقطعون رؤوس الجميع، خاصة المسيحيين".
وتنص القرارات التى وقعها ترامب خلال مراسم أداء الجنرال جيمس ماتيس لليمين وزيرا للدفاع، على إيقاف برنامج قبول اللاجئين فى الولايات المتحدة لمدة 120 يوما، وفرض حظر على اللاجئين من سوريا لحين حدوث "تغييرات مهمة تتوافق مع المصلحة الوطنية"، وتعليق السماح بدخول القادمين من العراق وسوريا والبلدان التى صُنفت على أنها "مناطق مثيرة للقلق" لمدة 90 يوما.
غير أن القرارت تنص على تحديد أولويات طلبات اللجوء فى المستقبل "بناء على الاضطهاد على أساس دينى" إذا كان الشخص منتميا لأقلية دينية فى وطنه، مع تعليق فورى لبرنامج الإعفاء من المقابلة للحصول على تأشيرة الدخول، الذى يسمح للمهاجرين بتجديد تأشيراتهم دون حضور مقابلة.
هذه الصيغة التى تفصل بين اللاجئين على أساس الدين، أثارت الكثير من الجدل والرفض بين الجماعات المدافعة عن اللاجئين، بمن فيهم الجماعات الدينية المسيحية، التى أكدت أنه لا يجب منع المسلمين من الحصول على حق اللجوء مثل إخواتهم المسيحيين، وبحسب شبكة "سى.إن.إن" قال سكوت أربيتر، رئيس منظمة الإغاثة العالمية:"سوف نقاوم هذا القرار بقوة".
وأضاف رئيس منظمة الإغاثة العالمية، الذراع الإنسانى للجمعية الوطنية للإنجيليين وهى واحدة من تسع وكالات شريكة للحكومة الفيدرالية فى مجال إعادة توطين اللاجئين، "بعض الأشخاص الأكثر ضعفا فى العالم الآن هم من المسلمين، وإذا كنا نقول إنه لا يجب السماح بدخول اللاجئين المسلمين إلى بلادنا، فإننا ننكر الإنسانية وكرامة الإنسان الذى خلق على صورة الله".
وقال أربيتر إنه وجماعته حاولوا لقاء مسئولين من الإدارة الأمريكية الجديدة لمناقشة سياسة اللجوء، لكنهم فشلوا فى ذلك، ووصفت لجنة الإنقاذ الدولية القرار بأنه "ضار ومتسرع"، فيما قال ريموند أوفنشيسر، رئيس منظمة أوكسفام، إن القرار يضر بالعائلات حول العالم المهددين من قبل الحكومات الاستبدادية.
فيما قال ترامب، إن المسلمين السوريين استطاعوا الدخول بسهولة إلى الولايات المتحدة وهو ما لم يجده المسيحيون، وقالت محطة "سى.إن.إن"، إن ترامب لم يذكر أو يقدم دليلا بشأن أسباب تفضيل الوكالات المعنية لجوء المسلمين على المسيحيين، غير أنها أشارت إلى دراسة أعدها مركز "بيو"، وهو مركز أبحاث رائد، كشفت أن 1% فقط من السوريين الذين حصلوا على اللجوء فى الولايات المتحدة العام الماضى، كانوا مسيحيين.
وبحسب الدراسة التى نشرها مركز الأبحاث الأمريكى، فإن 99% من حوالى 12.600 سورى حصلوا على اللجوء فى الولايات المتحدة خلال عام 2016، كانوا مسلمين مقابل 1% مسيحيين، ذلك على الرغم من أن إجمالى عدد اللاجئين المسلمين فى أمريكا خلال العام نفسه بلغ نحو 39 ألف شخص مقابل 37 ألفا ونصف مسيحيين.
وأثارت قرارات ترامب جدلا أيضا بين الأمريكيين من أصل مصرى، إذ كتب مايكل وحيد حنا، الباحث لدى مؤسسة القرن الأمريكية، على حسابه بموقع "تويتر": "كمصرى أمريكى وقبطى أرى أن هذه السياسة مروعة أخلاقيا وتأتى بنتائج عكسية من الناحية العملية"، وأشار إلى أن اللاجئين جميعهم يستحقون حق اللجوء بغض النظر عن دينهم.
غير أن هذا الرأى لم يلق الكثير من التأييد على تويتر، إذ رد عليه صمويل تادرس، الباحث الأمريكى من أصل مصرى أيضا، الذى يعمل لدى معهد هدسون للحريات، متسائلا لماذا لا يتم منح الأولوية لأولئك الأكثر تعرضا للاضطهاد والفئات الأأكثر ضعفا، كما تساءل "لماذا إذا يتم منح الأولوية للنساء والأطفال؟.. حتى فى عمليات الإنقاذ.. هل الرجال أقل استحقاقا لذلك".
ورد شخص أمريكى، مؤيد لترامب، على تغريدة مايكل حنا، برابط لمقال كتبه عضو المجلس الأمريكى للعلاقات الخارجية، إليوت إبرامز، فى سبتمبر الماضى، يتساءل عن أسباب امتناع الولايات المتحدة منح السوريين المسيحيين حق اللجوء، إذ أشار وفق الأرقام الرسمية إلى قبول 56 شخصا فقط من مليون مسيحى فروا من مناطق عديدة من سوريا.
غير أن حنا حذر فى رده على المعارضين لرأيه، أن سياسة الانتقاء تغذى اتهامات "الطابور الخامس"، التى يواجهها المسحيون فى الشرق الأوسط دائما، فضلا عن أن هذه السياسة تعرض مستقبل منطقة الشرق الأوسط للخطر، ولم يوضح الباحث ما يعنينه بذلك إلا أن الأمر قد يرتبط بتحذيرات سابقة بشأن تفريغ الشرق الأوسط من مسيحييه.
وكانت نينا شيا، رئيسة مركز الحرية الدينية لدى معهد هدسون، قد أوضحت فى تصريحات سابقة لشبكة فوكس نيوز، أن قلة أعداد المسيحيين السوريين الذين يحصلون على حق اللجوء فى أمريكا تعود إلى قبول الولايات المتحدة اللاجئين الذين يقيمون فى مخيمات الأمم المتحدة فى الأردن، وهى التى تخلو من المسيحيين، واصفة هذه السياسة بأنها "تمييزية وظلم فادح".