واصل مجلس النواب، مناقشة اتفاقية التنازل عن «واحة جغبوب»، التى وقعها زيور باشا، يوم 6 ديسمبر 1925، مع إيطاليا كدولة احتلال لليبيا لتصبح ضمن ولاية برقة الليبية، وطبقًا لكتاب «سرقة واحة مصرية» لمحسن محمد، فإن المناقشات دارت يوم 13 يونيو 1932، ودافع عن الاتفاقية إسماعيل صدقى، رئيس الوزراء، وتقدمت الأغلبية البرلمانية التابعة له بخريطة تثبت أن الاتفاقية التى مضى عليها سبع سنوات صحيحة.
غير أن النائب الدكتور عبدالحميد سعيد، وقف يفند كل الحجج التى تطرحها الأغلبية، قائلًا: «إن واحة جغبوب مصرية، ومتممة لحدود مصر، إن جغبوب لم تنفصل عن مصر منذ العهد الأول من أيام المغفور له محمد على باشا، ولم تخضع يومًا لسلطة تركيا أو لسلطة الوالى الذى كانت تعينه طرابلس».
وتحدث «سعيد» عن الخريطة ساخرًا منها، قائلًا: «هذه الخريطة الكاريكاتورية التى أمامكم والتى رمونا بها لاتبرر هذا الاعتداء، ولاتكسب الطليان أى حق مطلقًا، ولست أدرى السبب الذى حمل الحكومة على أن تبحث عن هذه الخريطة وتستحضرها من الآستانة، إن هذه الخريطة تعتبر حجة ضدنا وليست لنا، ولم يكن من مصلحة مصر أن تبحث عن خريطة لا قيمة لها لتكون سلاحًا فى يد خصومنا، إن هذه الخريطة تجعل حد مصر من الجنوب مدينة أسوان، ولم نسمع هذا فى التاريخ القديم ولا التاريخ الحديث، الحدود الواردة بهذه الخريطة كلها وهمية، ولانصيب لها من الحقيقة بتاتًا لأن الواقع يكذبها تكذيبًا تامًا، ولوكان من الممكن بها لما تأخرت تركيا مطلقًا عن تقديمها كمستند عندما قام الخلاف بيننا وبينها على الحدود الشرقية والغربية، خصوصًا فى موضوع العقبة، إن جغبوب مصرية منذ الأزل وحينما ذهب المرحوم عباس باشا الأول لتأدية فريضة الحج التقى بالسيد محمد بن على الأدريسى صاحب الطريقة الإدريسية، وطلب منه أن يسكن مصر لنشر تعاليمه، وقد ترك له اختيار البقعة التى تصلح لسكناه فوقع اختياره على واحة جغبوب لأنها ملتقى القوافل، ولأنها قريبة من ممالك إفريقيا الشمالية».
تواصلت المناقشات حتى طالب رئيس مجلس النواب، بغلق باب المناقشة والتصويت على تقرير اللجنة، الذى أعدته حول الموضوع، وكانت النتيجة موافقة 59 عضوًا، ومعارضة عضوين.. انتهى.