فى الأسبوع الماضى، تناولت فى هذا المكان ما يحدث من تدمير وتشويه متعمد، واغتيال صارخ للتراث المعمارى والتاريخى لمبانى مدينة الإسكندرية والقاهرة، وباقى المدن المصرية التى تتميز بطراز معمارى فريد ينتمى لفترات تاريخية. وتساءلت عن دور جهاز التنسيق الحضارى، وماذا يفعل هذا الجهاز لحماية ما تبقى من تراثنا وسط مجزرة الهدم والتشويه لثروة مصر التراثية.
عقب نشر المقال، تلقيت اتصالًا من المهندس محمد أبوسعدة، رئيس الجهاز، للرد على ما كتبته، ودعانى إلى مكتبه، مشكورًا، لاجتماع فى مكتبه لشرح طبيعة الدور الذى يقوم به الجهاز والسلطات المخولة له والمشاكل التى يواجهها فى حماية التراث والحفاظ عليه.. والمشروعات القومية الحالية لتطوير القاهرة الخديوية والمناطق التراثية الأخرى.
الحوار امتد لأكثر من ساعة، استمعت فيه إلى شرح مفصل من رئيس جهاز التنسيق الحضارى الذى أنشئ بقرار جمهورى عام 2001، والجهود التى قام بها خلال عام من توليه المسؤولية بقرار من وزير الثقافة، حلمى النمنم، وأسفر عن تسجيل حوالى 6 آلاف و700 مبنى تراثى لأول مرة فى مصر، حيث أصبح لدينا قاعدة بيانات كاملة عن هذه المبانى، بما فيها الإسكندرية وأسيوط وقنا، وغيرها من مدن مصر ومناطق جاردن سيتى والزمالك والمعادى.
الخطة الاستراتيجية للحفاظ على التراث المعمارى وتطويره، خطة طموحة جدًا، ورغم أننا تأخرنا كثرًا، كما يقول المهندس أبوسعدة، لكن المهم أننا بدأنا فى تسجيل وتوثيق ما تبقى من الثروة التراثية لمصر، وبدعم من رئيس الجمهورية، وبإشراف مباشر من المهندس إبراهيم محلب.
لكن كما يقول المثل الشعبى «الحلو ما يكملش»، فهناك كالعادة عقبات ومشاكل تواجه جهاز التنسيق الحضارى فى تنفيذ ما يطمح إليه، وأبرزها بالطبع تدنى الذوق العام لدى كثير من المصريين، والاعتياد الطبيعى على مناظر القبح وقلة الذوق، بعد أن اختفت حصص الرسم فى المدارس وغياب الوعى والإدراك بقيمة ما لدينا من ثروة تاريخية وتراثية، وتخلى جهات معنية أخرى عن دورها فى إيقاظ الوعى العام، للحفاظ على التراث والجمال بداية من المدرسة والجامعة والجامع ووسائل الإعلام.
المشكلة الأخرى هى التراخى فى تطبيق القانون، وفساد المحليات لتشجيع أصحاب وملاك المبانى التراثية على هدمها، وجعلها آيلة للسقوط، وبالتالى تطابقها مع القانون، أى أن هناك فسادًا بالقانون حتى لو جاء على حساب تاريخ مصر وتراثها.
الحوار مع المهندس أبوسعدة، كان ممتعًا ومتفائلًا، ويمنح الأمل فى استعادة عاصمتنا الضائعة رونقها وبهاءها القديم، لكن «إيد لوحدها ما تصقفش».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة