أكثر ما لفت انتباهى فى المؤتمر الوطنى الشهرى للشباب، الذى أنهى أعماله فى أسوان السبت الماضى هو حالة الحوار والنقاش التى سادت خلال يومى المؤتمر، وتركيز شباب الصعيد على القضايا والمشاكل التى يعانى منها الإقليم، وتجاوب الرئيس عبد الفتاح السيسى، والحكومة مع ما طرحه الشباب، منطلقين جميعاً من المبدأ الذى أعلنه الرئيس فى بداية أعمال المؤتمر «فرصة وجودى معكم فى أسوان لتأكيد الفرق بين الانطباع والواقع».
النقاش فى مؤتمر أسوان كان ثرياً، وأظن أن الدولة استفادت منه كثيراً، لأنه لم يكن نقاشاً فى العموميات، أو متركزاً على القضايا السياسية، مثل تلك التى سيطرت على المؤتمر الأول فى أسوان، أو المؤتمر الشهرى فى القاهرة الشهر الماضى، وإنما ركز شباب الصعيد كلماتهم وأطروحاتهم على ما لمسوه من مشاكل وأزمات، وما يتوقعونه من حلول لها، بشكل استحوذ على اهتمام الرئيس نفسه، الذى رأيته فى أسوان متفاعلاً ومركزاً فى أحاديث الشباب بشكل كبير.
قضية مياه الصرف الصحى، كانت الحدث الأكبر الذى شغل بال الكثيرين فى المؤتمر، بعدما تعدد طرحها من جانب الشباب، بشكل غير مود المؤتمر كله، فأصبحت القضية حاضرة وبقوة على فاعلياته، لدرجة أن الرئيس السيسى تحدث فيها باستفاضة خلال مشاركته بأكثر من جلسة، وحدد بعض الأطر التى تتعامل بها الدولة مع هذه القضية، وكاشفاً عن أرقام كان من المهم أن نطلع عليها جميعاً لندرك حجم التحدى، والمجهود الذى تحاول أن تبذله الدولة.
الرئيس قال إن الدولة قررت إعادة استخدام مياه الصرف الصحى عن طريق معالجتها معالجة ثلاثية على مستوى الجمهورية، وأن المستهدف هو الوصول إلى 10 ملايين متر مكعب مياه معالجة يوميا، وأن هناك عملا الآن للانتهاء من مشروعات الصرف الصحى بـ4500 قرية وسننتهى من %40 قريبا، وقال الرئيس «نحتاج إلى 180 مليار جنيه لتطوير مشروعات الصرف الصحى فى مصر».
لم يكتف الرئيس بذلك، وإنما زار محطة كيما للصرف الصحى تنفيذًا لوعده لأحد الشباب خلال جلسات المؤتمر، تحدث عن أزمة مصرف كيما «السيل»، وتضرر المواطنين منه وإصابتهم بالأمراض، وخلال الزيارة استمع الرئيس السيسى لشرح من وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى حول المصرف، وأنه سيتم الانتهاء من المرحلة الثانية من المصرف فى مارس المقبل، بعدما تم التشغيل الجزئى من المرحلة الأولى للمصرف، وفى نهاية الزيارة قال الرئيس إن موضوع مصرف «كيما» كان محل اهتمام من جانب الدولة، وأن «المتابعة هدفها إن إحنا مهتمين بيكم وبمشاكلكم، ولا يمكن أن نعد المصريين بشىء لا ننفذه»، مع التأكيد أيضاً أن «قرار معالجة ثلاثية للصرف هو قرار استراتيجى للدولة، والمياه الناتجة عن الصرف كان يتم معالجتها معالجة ثنائية فقط، وتكون غير صالحة للاستخدام ويتم هدرها، لذلك كان القرار هو استخدامها عدة مرات ولكن بمعايير عالمية».
من خلال متابعتى للنقاش والحوارات التى دارت فى أسوان، وزيارات الرئيس الميدانية بناء على ما طرح من شباب الصعيد، تأكدت أن النجاح كان حليفاً لفكرة عقد المؤتمر هذه المرة فى محافظة من صعيد مصر، وتخصيصه بالكامل لقضايا تمس حياة الصعايدة، ممن عانوا كثيراً خلال السنوات الماضية من إهمال شديد، لكنهم رغم ذلك ظلوا على عهدهم مساندين للدولة وداعمين لها، وهو أمر يقدره الرئيس كثيراً، ويعمل بكل جهد على أن يكون لمحافظات الصعيد حظ وافر من خطط التنمية، عملاً بمقولة الرئيس أن «مصر ستصبح بلدا عظيما بنا جميعًا»، وأن الهدف من هذه اللقاءات هو مواجهة أهل الشر، الذين يحاولون الإيقاع بمصر فى مستنقع الفتن.