تستعد لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب برئاسة الدكتور حسين عيسى، خلال الشهر الجارى، لاستقبال تقرير سيغير من شكل الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد 2017/2018، بتحويلها من موازنة الأبواب والبنود إلى موازنة البرامج والأداء، بما يعزز رقابة البرلمان على الإنفاق الحكومى وقدرته على قياس أداء الوزارات المختلفة.
وتمثل موازنة البرامج والأداء بأن يتم تحديد مجموعة من البرامج وأن يكون كل برنامج مجموعة أنشطة لكل نشاط مدخلات ومخرجات، وبالتالى يصبح من الممكن قياس كفاءة كل نشاط وكل برنامج بمقاييس ومؤشرات واضحة بعضها مالى والآخر غير مالى.
ويقوم على إعداد هذا التقرير لجنة فرعية مُشكلة من لجنة الخطة والموازنة، تضم فى عضويتها 7 نواب برئاسة الدكتور كريم سالم عضو اللجنة أستاذ المالية العامة لإعداد تقرير متكامل يتضمن تطبيق موازنة البرامج والأداء بموازنة العام المالى 2017/2018 بشكل تجريبى فى 7 وزارت وهى الصحة والسكان والتربية والتعليم والتعليم العالى والبحث العلمى والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية التضامن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة النقل فى إطار منشور وزارة المالية فى هذا الشأن.
وتقوم تلك الموازنة على الاهتمام والتركيز على الإنجازات التى تتم، إذ أنها تُعتمد لتحقيق أهداف معينة وليس لمجرد شراء سلع وخدمات، ومن ثم فموازنة البرامج والأداء تهتم بطبيعة أنشطة وأعمال الأجهزة الحكومية أكثر من اهتمامها بموضوع الإنفاق.
وتلقى الضوء على العمل الذى تم أو الخدمة التى أُنجزت للتأكد من أن النتائج التى تحققت توازى ما كان مخططا له، وهل تكاليف الخدمة أو العمل مناسبة أو مرتفعة، وهذا الأسلوب يؤدى إلى رفع مستوى الأداء وترشيد الإنفاق والحيلولة دون الإسراف وتقييم النتائج من خلال مقارنتها بالخطط.
ويُعد أسلوب موازنة البرامج والأداء هو الحل السحرى لظاهرة إهدار المال العام فى نهاية كل سنة مالية، والمتمثل فى هدم الأرصفة وإعادة بنائها مرة أخرى ورصف عدد من الطرق عشرات المرات بهدف استنفاذ الأموال المخصصة للجهة الإدارية قبل نهاية السنة المالية، حتى لا يتم تخفيض هذا المخصص بالموازنة الجديدة.
من جانبه قال الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن هناك فقرة بمنشور وزارة المالية عن الموازنة العامة للدولة حول ضرورة تطبيق موازنة البرامج والأداء على عدد من الوزارات على سبيل التجربة، لافتا إلى أن تلك الفقرة كانت أحد توصيات اللجنة فى الرد على بيان الحكومة فى مارس 2016، كما أنها وردت كملاحظة فى تقرير اللجنة بشأن الموازنة العامة للعام المالى الحالى 2016/2017.
وأوضح عيسى فى تصريح لـ"اليوم السابع" أن التحول إلى موازنة البرامج والأداء مطلب قائم منذ 20 عام، وأن معظم دول العالم تطبق هذا النظام حاليا، مشيرا إلى أنه لا يمكن هدم الموازنة الحالية بشكلها الحالى والتحول إلى موازنة البرامج والأداء فجأة، مضيفا أن التحول يتم بالتدريج على مدار مجموعة من السنوات، وأن أسلوب موازنة البنود المعمول به حاليا فى مصر قد انتهى من معظم دول العالم.
كما أشار إلى أنه عند ربط التمويل ببرامج وأنشطة محددة سيكون من الواضح أوجه صرف المبالغ المخصصة للوزارة لربط المبالغ ببرامج ومشروعات محددة يمكن مراقبتها، بشكل كاف، بدلا من أن يكون دور الحساب الختامى تحديد ما تم صرفه دون استعراض الإنجازات.
كما أكد رئيس لجنة الخطة والموازنة على أن تطبيق موازنة البرامج والأداء سيمكن الأجهزة الرقابية من تأدية دورها بشكل أفضل عن طريق مراقبة الأداء كل 3 أشهر بنص الموازنة على إجراءات محددة يتم تطبيقها وتظهر مدى التقدم أو التعثر فى تنفيذ المخطط ويجعل تقارير الأجهزة الرقابية أكثر وضوحا وموضوعية، مضيفا أن وزير المالية سيقدم الموازنة عبارة عن أرقام وبنود فى شكلها التقليدى التزاما بنصوص الدستور فى هذا الأمر، إلا أن البيانات التحليلية والمالية للموازنة سيتم إعدادها طبقا لأسلوب البرامج والأداء لتظهر ما تحقق فى المشروعات ومعدلات الأداء فى الموازنة.
وفى السياق ذاته قال الدكتور كريم سالم عضو لجنة الخطة والموازنة ومقرر اللجنة الفرعية أن استناد أسلوب إعداد الموازنة العامة إلى معايير البرامج والأداء يستهدف رفع مستوى المساءلة للقائمين على تنفيذ الموازنة وضمان الشفافية أمام المواطنين لمعرفة العائد من الإنفاق العام.
وأكد عضو مجلس النواب المستقل عن دائرة مصر الجديدة لـ"اليوم السابع" على ضرورة العمل على إلزام الحكومة للعمل على تغيير نمط الموازنة العامة للدولة، لافتا إلى أنه فى حالة تطبيق ذلك التحول فإنه سيؤدى إلى تعظيم عائد الإنفاق العام وخفض عجز الموازنة العامة.
وأشار سالم إلى أن فكرة موازنة البرامج والأداء تقوم على تعميق مفهوم العائد من الإنفاق العام وترشيد الإنفاق الحكومى ومتابعة وتقويم الأداء وترتيب الأولويات على أساس ما يتم تحقيقه من عدمه، قائلا :"الاهتمام دائما ما يكون بالمخرجات بمعنى أن وزارة التربية والتعليم تأتى فى الحساب الختامى وتذكر أنها انتهت من بناء 100 مدرسة على سبيل المثال، وهنا بناء المدارس ليس الهدف إنما هو وسيلة لرفع جودة التعليم، وهذا ما ستعمل على قياسه موازنة البرامج والأداء بالعبور من مرحلة المخرجات العددية إلى نتائج كيفية وجودة".
وأوضح الدكتور كريم سالم أن هذا التحول يلقى مقاومة من فئات ومستويات عديدة بالجهاز الإدارى للدولة، نظرا لما يحمله من عنصر المساءلة والشفافية، قائلا "لكننا وصلنا إلى مرحلة من الإنفاق الحكومى لا يمكن السكوت عليها".
كما أكد سالم على، أنه لا يمكن التحول إلى موازنة البرامج والأداء بشكل نهائى خلال العام المالى الجديد 17/18، موضحا أن اللجنة الفرعية ستنتهى من تقريرها خلال شهر فبراير وسيكون أول مراحل التحول إلى موازنة البرامج والأداء، لافتا إلى أن وزارتى التربية والتعليم والتضامن الاجتماعى تعاملتا مع الأمر بجدية كبيرة وأن وزارة النقل والمواصلات طلبت إرجاء تنفيذ هذا الأمر إلى موازنة عام 2018/2019 إلا أن اللجنة أصرت على إعدادها العام الحالى.
كما قالت النائبة الشابة سيلفيا نبيل، أن فكرة موازنة البرامج والأداء تعتمد على تخصيص المبالغ لبرامج بعينها بدلا من بنود، مضيفة "البرامج يمكن قياس أداءها لأن البرنامج له هدف معين يمكن معرفة ان كان تم تنفيذه أم لا".
وأوضحت عضو لجنة الخطة والموازنة لـ"اليوم السابع" أن هذا النظام معمول به فى العديد من دول العالم بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية وتعمل بها حاليا دولة الإمارات، لافتة إلى أن نظام موازنة البرامج والأداء يمكن الأجهزة الرقابية من متابعة تنفيذ البرامج المخصص لها أموال من الموازنة العامة للدولة وخلال وقت معين.
وأشارت إلى إن موازنة البرامج والأداء هى من أكتر الوسائل فاعلية لتنفيذ استراتيجية 2030 لأنها تهدف إلى ترجمتها فى شكل برامج على أرض الواقع، موضحة أن اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الخطة والموازنة عقدت 12 اجتماع حتى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة