أكرم القصاص

«فاسد من الناس»

الأربعاء، 04 يناير 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حتى لو كان الفساد موجودا فى العالم فإن نسبته لدينا تتجاوز كل النسب العالمية بمراحل، وهناك بالفعل قوانين أو نظام إدارى يسمح بالفساد، ويشجع من لديهم القابلية، بالطبع لا يمكن التعميم، هناك شرفاء كثيرون، وهناك فاسدون محترفون، وأيضا القابلون للفساد ممن يشجعهم المناخ أو الثغرات المفتوحة و«المال السايب يعلم السرقة»، كما يقول المثل، ولا يمكن ربط الفساد والرشوة بالحاجة للمال أو الفقر، وأغلب قضايا الرشوة والتربح وسرقة المال العام أبطالها مليونيرات. وهناك بالطبع من يظهر عليهم الثراء غير المبرر، ممن ليسوا أصحاب مصانع أو ميراث أو شركات ومن يعملون فى أنشطة مختلفة.
 
وبالتالى الشخص الفاسد ليس له مواصفات مختلفة، وقد لا يظهر عليه الفساد، أو يبدو على سحنته أو تجده يتحدث عن الفساد ويمتدحه، ويتباهى أنه فاسد، ولا يمنع الفساد شخصا من أن يؤدى العبادات بما فيها العمرة والحج، بل إن قضية وزير الزراعة السابق، المدان والمحبوس، كان من الرشاوى التى تلقاها رحلات حج له ولأسرته وأقاربه، كما أن مرتشيا شهيرا فى التسعينيات، طلب رشوة رحلة عمرة، لأنه «كان زهقان» وعاوز يعمل عمرة للراحة النفسية، وهذه المظاهر تكشف عن نفاق الفاسدين، إنهم يقبلون المال الحرام، ويكتفون بالمظاهر الاجتماعية والدينية. ولا يمكن التعميم فى إطلاق الأحكام. هناك فاسد وعشرات الشرفاء ممن يقبلون الفقر، ولا يقبلون قرشا واحدا حراما.
 
نقول هذا بمناسبة قضايا فساد، أبطالها لا تظهر عليهم علامات من أى نوع، ولو قدر لهم أن يتحدثوا فسوف تجدهم ينتقدون الفساد ويهاجمون الفاسدين، ولا يمكن الربط بين بطلى الرشوة الكبرى، ووجود صورهما فى العمرة أو الحج. الأهم ونحن نتحدث عن الفساد، أن الفاسد يعيش بين الناس، وهناك الحذرون منهم، ممن لا تظهر عليهم أى مظاهر للفساد، وفى بعض القضايا، كان الفاسدون يمتلكون سيارات فارهة، لكنهم يفضلون استخدام سيارة عادية.
 
أو يعيشون فى منازل متواضعة، ومنهم وهم ناس ربما نعرفهم أو نراهم، ولا يمكن تصور أنهم فاسدون، فهم يعيشون بين الناس، وقد تظهر على بعضهم علامات ثراء غير مبرر وهم فى مواقع لا تتيح لهم دخولا ضخمة، وهؤلاء يمارسون أنواعا من الفساد يصعب إمساكه، وتتيح لهم مواقع سلطات مطلقة فى البيع والشراء من المال العام.
 
وواضح أن العقوبات لا تمثل رادعا، والدليل أن المرتشين يتساقطون فى الأحياء والمحافظات، ومثل اللبان، هناك مناطق كثيرة فيها علامات استفهام، ولولا سقوط بعضهم ما انتبهنا، ومع الاعتراف بنشاط الرقابة الإدارية، وأجهزة الرقابة، الأمر بحاجة لمراجعة تغلق أبواب المال السايب». 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة