الخلافات التى يشهدها حزب «المصريون الأحرار» حاليا، بالإضافة إلى الانقسام فى حزب المؤتمر يقودنا إلى ما هو أبعد.
نحن لسنا بصدد خلاف بين فريق حزبى وآخر داخل الحزب الواحد، وإنما لدينا حياة حزبية تقود إلى أسئلة قديمة متجددة هى: هل لدينا أحزاب بالفعل؟ هل لدينا حياة حزبية بالمعنى الحقيقى؟ لماذا تبدو بعض الأحزاب فى بداية تكوينها متوهجة ومبشرة، ثم تصاب بالضعف تدريجيا حتى يموت بعضها.
اللافت أن هذه الأسئلة مطروحة منذ أعاد الرئيس الراحل أنور السادات الحياة الحزبية عام 1976 بعد أن ظل العمل بنظام الحزب الواحد منذ عام 1953، أى منذ 40 سنة. قرر السادات إنشاء ثلاثة منابر داخل الاتحاد الاشتراكى، منبر لليمين ومنبر لليسار ومنبر للوسط، ثم قرر تحويل المنابر إلى أحزاب، حزب مصر العربى الاستراكى «الوسط»، حزب التجمع «اليسار»، حزب الأحرار «اليمين»، وكان لكل حزب نوابه فى البرلمان حتى تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين السادات وإسرائيل عام 1979 وأعقبها حل البرلمان، فتغيرت قواعد اللعبة الحزبية بإعلان السادات تأسيس حزب جديد يحكم هو الحزب الوطنى، والذى انتقل إلى صفوفه تلقائيا كل الذين كانوا فى حزب الوسط، صاحب الأغلبية، وكان ذلك بمثابة تغيير يافطة ليس أكثر.
مع الإعلان عن تأسيس الحزب الوطنى أعلن السادات عن تأسيس حزب يعارض هو حزب العمل، برئاسة المهندس إبراهيم شكرى، وقام السادات بتوقيع استمارة عضوية فى حزب العمل ترجمة لاعتقاد منه بأنه فوق الأحزاب وأنه كما كان يردد دائما: «رب العائلة المصرية»، لكن حزب العمل كسر القيد وأصبح معارضا جذريا للسادات، وانتقل من معسكر التأييد لكامب ديفيد إلى معسكر المعارضة.
تعطينا هذه الخلفية التاريخية السريعة عن عودة الحياة الحزبية ملمحا حول أنها ولدت مقيدة بشروط السلطة ورضاها، على هذا الأساس تم التعامل معها، والدليل أنه حين اتخذ حزب التجمع ثم حزب العمل موقف المعارضة الجذرية من سياسات السادات تم تطويقهما كاملا، مما دفع الاثنين إلى تجميد نشاطهما، وأوقف حزب التجمع صحيفته «الأهالى» عن الصدور حتى وقع اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981.
بدأ حكم مبارك بقدر من التنفيس، فعاد حزب التجمع إلى نشاطه وحزب العمل، وأعلن حزب الوفد عن عودته إلى الحياة السياسية بعد توقف منذ عام 1953، وبقيت الحياة الحزبية محصورة فى أربع أحزاب هى الوطنى والتجمع والعمل والوفد.
وللحديث بقية