لا يمكن أن ننسى تصريحات الرئيس السيسى عن أهل الشر الذين يكيدون لنا باستمرار حتى لا يختلف مصيرنا عن مصير دول الجوار المنكوبة بالحروب الأهلية والانقسامات والاحتلال الخارجى، ولا يمكن أن نتغافل عن تصريحات المسؤولين البارزين فى الحكومة التى تؤكد أننا نخوض حربا اقتصادية شرسة من الداخل والخارج، وأن الحرب من الداخل أشرس وأقذر مما نواجهه خارجيا.
إذا كان الأمر كذلك، وأنا أصدق الرئيس والمسؤولين الحاليين الذين يتصدون للمناصب، بعد أن أصبحت مغارم تجلب لصاحبها المتاعب والأمراض، فلابد من استراتيجية لمواجهة هذه الجبهات المفتوحة علينا من كل ناحية، والمصريون لهم تجارب سابقة فى ظروف مشابهة أو أشد سوءا، ولعلكم تذكرون الفترة التى تلت حرب 67، عندما خضنا حربا شرسة طويلة لاستنزاف العدو الذى احتل أرضنا، وتوجهت كل مواردنا من تحقيق خطط التنمية إلى المجهود الحربى واقتصاد الحرب، كما مررنا بنفس التجربة خلال سنوات الاستعداد لحرب 73 وما بعدها، وما حققنا النصر على إسرائيل المتفوقة عسكريا والمدعومة اقتصاديا من الغرب إلا وفق هذا المنهج الصارم فى الاعتماد على النفس وتعويض كل ما ينقصنا من سلع بالإنتاج والعمل.
إذن نحن فى حاجة ماسة الآن، إلى استدعاء روح انتصار أكتوبر 73، وسنوات حرب الاستنزاف، حتى نواجه كل جبهة مفتوحة علينا ونحقق فيها الانتصار، ومعنى ذلك أن نبدأ بالحكومة دون أن نتجاهل دور المواطنين فى هذه الحرب الشاملة، فالحكومة عليها أن تتحول حقا إلى حكومة حرب مصغرة، على أن تحدد لنفسها خططا سنوية للإنجاز وفق حاجات البلاد وأولوياتها.
نحتاج فى السنة الحالية مثلا من الحكومة أن تضع جدولا زمنيا أسبوعيا لتشغيل المصانع المتعثرة وشركات قطاع الأعمال، وأن يتم التعامل مع هذه المصانع والشركات على أنها طوق الإنقاذ للاقتصاد المصرى، وبالمثل عليها أن تتعامل مع ملف الزراعة باهتمام خاص، بعد أن وصل الإهمال بالمزارعين إلى استيراد كل أنواع المنتجات الزراعية الأساسية التى كنا ننتجها بمعدلات تزيد عن حاجة الاستهلاك المحلى، وفى مقدمتها الأرز والعدس والفول والقطن طويل التيلة.
نحتاج إلى دمج وزارات والاستغناء عن وزراء لتشكيل حكومة حرب بعدد قليل من الوزراء الذين يمتلكون الرؤية والإرادة والقدرة على اتخاذ القرارات، ليضعوا السياسات التى تمكننا من إعادة إحياء قطاعات الإنتاج فى الزراعة والصناعة وجذب الاستثمارات، والاستفادة من مقومات القوة الناعمة لمصر وعناصر التنمية القائمة، للانطلاق على طريق الهند وكوريا الجنوبية وماليزيا وسائر الدول التى أدركت عناصر قوتها واستطاعت استثمارها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة