بكل تأكيد أن لغة المال أصبحت عاملاً مهماً للغاية فى صناعة كرة القدم.. وقصدت بإدخال لعبة الكرة تحت طائلة الصناعة، لأنها بالفعل باتت تحت العرض، والطلب مثل أى سلعة من خلال استقدام وبيع اللاعبين وبث المباريات فى البطولات الكبرى ورعاية الأندية والاتحادات والمناسبات الرياضية، لكن ما يحدث فى الاتحاد الأفريقى لكرة القدم «كاف» برئاسة الكاميرونى عيسى حياتو لا يمت بصلة إلى هذه النظرية من قريب أو بعيد باستغلالها فى النطاق المحدد منه، لأنه يغتصب الفكرة لحسابه الخاص، وليس خدمة الكرة الأفريقية.
إصرار «حياتو» على إسناد بث مباريات البطولات الأفريقية إلى شركات معينة بالأمر المباشر دون إجراء مزايدة علنية مثلما يحدث فى المنافسات العالمية، يثير الريبة حول وجود مصالح خاصة، ولعل خير مثال على ذلك منح بث مباريات بطولة الأمم الأفريقية المقبلة المقرر إقامتها فى الجابون خلال شهر يناير الحالى، إلى شركة «لاجاردير» الفرنسية التى باعته لقناة «بى أن سبورت» القطرية حصرياً، مما يترتب عليه منع الجماهير فى كل بلدان «القارة السمراء» من مشاهدة منتخبات بلادها على القنوات الوطنية.
البعض قد يستغرب من فتح هذا الملف حالياً، على الرغم من تكراره طوال السنوات الماضية، لكنى وجدت أنه لابد من تسليط الضوء على تلك القضية.. ليس للوقوف ضد «جبروت» الأسد الكاميرونى فقط.. فهذا ليس المقصد هنا، بل لأنه أصبح ضرورياً الوقوف صفاً واحداً، حتى يكون هناك شفافية فى بث المباريات، خاصة فى ظل وجود بعض العروض المادية التى تفوق العرض المباع به، مثل عرض شركة «بريزنتيشن» وغيرها.
«حياتو» هو التلميذ النجيب للسويسرى جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» السابق، الذى رحل من منصبه بقضية فساد كبرى، وآخرها ملف إسناد تنظيم مونديال 2022 إلى قطر، التى تردد أن رئيس «كاف» مدان هو الآخر فى هذه القضية وبعض القضايا الأخرى، لكن حتى الآن لم يفتح ملفه رسمياً لاثبات إدانته أو براءته.
الغريب فى الآمر، هو استمرار «حياتو» على نفس نهج أستاذه بلاتر رغم سقوط الأخير، فهل لا يخشى نفس المصير؟.. والغريب أيضاً ما تفعله «بى إن سبورت»، وكأنها تتلذذ فى الاحتكار والعمل على ذل أبناء القارة السمراء، رغم أنه هناك إمكانية لها بعد الفوز بحقوق البث أن تمنح الآخرين بث مباريات بأموال على أن يكون لهم، بالاتفاق مع كاف، حقوق حصرية مثلا فى اللقاءات الصحفية مع اللاعبين والأجهزة الفنية، لكن يبدو أن لعبة الفساد الكروية ستظل مستمرة، طالما هناك لعب من «تحت الطاولة».
الآن بعد فتح الملف.. لابد أن يأتى يوم وتسقط فيه إمبراطورية حياتو الزائفة!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة