تعانقت قلوب المصريين جميعا مع أجراس الكنائس فى احتفال مسيحيى مصر الأرثوذوكس بعيد الميلاد المجيد، وقد أضاف حضور وكلام الرئيس السيسى بعدا آخر بتوجيه ضربتين لفئتين لا تفهمان روح مصر: الأمريكان والمتشددون.
قال الرئيس فى تهنئته للمسيحيين: "يارب وأنا هنا فى بيت من بيوت الله أحفظ مصر وأمِّن مصر، وأغننا بفضلك عمن سواك.. عايزين نعلم الناس إننا واحد، وإن التنوع ربنا خلقه، واللى رافض الإرادة الإلهية مش فاهم الحكاية إيه"، وتساءل: "هو اللى يقول للناس كل سنة وأنت طيب مش حسن ؟"، متابعا: "ربنا بيحب الحسن، السلام حسن، الخير حسن، والتعاطف حسن، وأى حاجة قبح ملهاش مكان، أى قبيح ملوش مكان الجمال فقط ليه مكان، هنا فى بلدنا هنقدم الجمال والحسن للعالم كله".
كانت هذه رسالة للمتشديين دينيا الذين لا يرون فى علاقة المسلمين بالمسيحيين إلا علاقة عداء نتيجة الخلاف فى العقيدة، رغم أن تاريخ هذه البلد يشهد بأننا عشنا ونعيش وسنعيش دائما فى رباط إلى يوم الدين، كما جاء فى الحديث الشريف الذى يضعفه البعض، ومع ذلك هو حديث يعبر عن واقع نراه بأعيننا.
لا نكاد نعرف الفرق بين المسلم والمسيحى شكلا وسلوكا إلا بأن يفصح أحدهم عن ديانته أو يذكر أحدهم اسمه، وبالمناسبة كلما ازداد المتشددون فى تفرقتهم بين المصريين على أساس العقيدة، زاد المسيحيون فى استخدام الأسماء غير المحايدة دينيا فتجد أطفالا صغارا يحملون أسماء "شنودة وميخائيل"، وكلما خفت صوت المتشددين تجد إخواننا المسيحيين يستخدمون الأسماء المحايدة دينيا مثل إيهاب وياسر.
التشدد له تاريخ بدأ مع عودة كثير من المصريين من الخليج فى الثمانينيات ومع خروج الإخوان من السجون فى عهد الرئيس السادات، ومع تولى البابا شنودة مقعد الكرازة المرقسية فى مطلع السبعينيات وما دار بينه وبين الرئيس السادات من سجالات.
لكننا يقينا نعيش زمنا مختلفا مع قيادة أكثر حرصا على الوحدة الوطنية وتعطى إشارات واضحة بأننا كلنا عباد الله وينبغى أن نكون إخوانا، ويوم أن يعلن عن بناء المسجد فهو يعلن بجواره عن بناء الكنيسة.
ومن هنا كانت الضربة الثانية التى وجهها الرئيس إلى الأمريكان وتحديدا إلى الكونجرس الأمريكى الذى تبنى قرارا لمحاسبة القيادة المصرية لأنها لم ترميم الكنائس ولا تفعل الجهد الملائم لحماية دور العبادة المسيحية، الرئيس يعلن أن جميع الكنائس التى حرقها الإخوان وأنصارهم قد تم ترميمها لتكتمل الفرحة ولتصل الرسالة بأن مسلمى مصر أولى الناس بمسيحى مصر.. هكذا علمنا الإسلام وهكذا علمتنا مصر.
- مصر الوطن أقوى من تشدد المتشددين وأقوى من تدخل التآمرين
- وحدتنا ليست فقط اختيارا عقلانيا يتبناه عقلاء المصريين ولكنه قدر قدره الله لهذا البلد
- سنحب إخواننا فى الوطن وسنحتفل معهم وسنقف معهم لنصرتهم وعدوهم عدونا وصديقهم صديقنا
هكذا علمتنا مصر وهكذا علمنا الإسلام، حيث يقول رب العزة سبحانه فى كتابه العزيز " ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)"