عبارات عديدة قالها الرئيس السيسى فى زيارته للكاتدرائية المرقسية لتهنئة البابا تواضروس والأخوة المسيحيين بعيد الميلاد المجيد، منها مثلا «أنا فى بيت من بيوت الله وبقول يارب، لا تشكرونى فلا شكر على واجب، أحب أن أكون أول المتبرعين لبناء أول كنيسة بالعاصمة الإدارية الجديدة»، لكنى أحب أن أتوقف أمام عبارة شديدة الدلالة قالها الرئيس فى مسار حديثه، وهى «لا يوجد قبيح بيننا»، وهذه العبارة تأتى بعد تنفيذ الرئيس لوعده بإنهاء ترميم جميع الكنائس المضارة بنيران واعتداءات وكراهية المتطرفين والإرهابيين بما فى ذلك الكنيسة البطرسية، التى فجرها أحد صنائع جماعة الإخوان الدموية الإرهابية.
عندما يقول الرئيس: «لا يوجد مكان لقبيح بيننا»، فإنه يمثل الغالبية الكاسحة من المصريين مسلمين ومسيحيين، ممن ينتمون إلى هذا البلد ببساطة ولا يقدمون عليه أى انتماء آخر، كما يعبدون ربهم بتقوى ولا يفرضون على غيرهم أن يسيروا على نفس دربهم فى أداء التكاليف ولا يضعون أنفسهم بمكانة الخالق فيحاسبون غيرهم ويحكمون عليهم، بل ويشرعون فى تنفيذ أحكامهم الصادرة عن هوى ومرض وتطرف.
وعندما يقول الرئيس عبارته تلك فى بيت من بيوت الله، فإنه يعنيها حرفيا، ويسعى إلى تحذير كل قبيح ومن وراءه بأن مخططاتهم لتمزيق المجتمع المصرى أو شق صفوف المصريين بفتنة طائفية أو حرب أهلية، لن يكتب لها النجاح، مهما تعددت العمليات الإرهابية، التى تستهدف المسلمين والمسيحيين ومهما أطلقت الفتاوى الشاذة، التى تحض على التعصب والكراهية، وتحاول تأليب المسلمين على المسيحيين بتصنيفهم مواطنين درجة ثانية أو تأليب المسيحيين على المسلمين بوصفهم مضطهدين أو معتدى عليهم.
سنحارب معا كل قبيح ومن وراءهم، هؤلاء الذين يسعون إلى تمزيق المجتمع المصرى فيكشفون على الفور تنفيذهم لمخطط استعمارى خارجى طالما سعى إلى ذلك على مدى عشرات السنين إلى زرع بذور الفتنة فى مصر، وقارئ التاريخ يعرف جيدًا مخططات الاستعمار البريطانى فى هذا الموضوع لمواجهة توحد المصريين مطلع القرن العشرين لطرد الاحتلال، ويبدو أن الاستعمار ومناهجه وأدواته للسيطرة لم ولن تتغير.
ما يطمئن، أن مواجهة القبحاء ومن وراءهم، لا يتصدى لها الرئيس وأجهزة الدولة فقط، بل الرئيس وأجهزة الدولة وجموع المصريين، الذين يحاربون هذه الشرور، بوحدتهم وبإيمانهم بوطنهم وبإدراكهم للمخططات التى تستهدف تقويض المجتمع، نعم لن يسقط المجتمع المصرى فى الفتنة أو الفوضى، ولن ينجرف المصريون أبدا إلى الحرب الأهلية المخططة التى انجرفت إليها شعوب مجاورة.